وتهيأت الفتاة لتقول، ثم سكتت!
ووثب إلى خاطره وخاطرها في وقت معا ذكرى مجلس كان منذ قريب تصطفق فيه الأمواج تحت أقدامهما على الشاطئ الغضبان، ودوى في أذنيه مثل هدير الموج يتواثب رشاشه إلى وجهه ودوى في أذنيها، كمجلسهما هنالك ... وطأطأت الفتاة رأسها في خزي، وطأطأ الفتى رأسه، وثقل على الفتى والفتاة موقفهما، وأحسا مواقع النظرات تأخذهما من كل جانب، فمشيا صامتين إلى مجلسيهما، وتبادلا نظرة أخيرة أغنتهما عن الكلام.
ولم تتحرك شفتاه بكلمة، لكنها سمعته يهمس في أعماقها ساخرا: «أنت أول من أحببت!»
ولم تنطق شفتاها ولم تجب، ولكن صوتا من أعماق الماضي كان يهمس في نفسه: «... تلك كلمة ... كم مرة سمعتها أذناي قبل أن تلفظها شفتاك!»
وتحول وجهه إلى ناحية وهو يقول: «ولكنك لن تسمعيها بعد ولن أقولها!»
وراحت أصابعه تعبث بحبات العقد الغالي، فلولا الخيط يمسكها لتناثرت على البساط كأنها حصيات من رمل الساحل؛ وعاد هدير الموج يدوي في أذنيه ويتواثب رشاشه إلى وجهه، ونهض، ثم اتخذ طريقه إلى الباب في صمت ...
وعاد إلى صحابته ليستأنف حياته على ما تعود ...!
النائب المحترم
قصة الجاه والشفعاء ...!
لم يكن «حسان» يأمل يوما أن يبلغ هذه المنزلة التي صار إليها؛ ولا كان يبلغ به الوهم أن يصير يوما «نائبا محترما» له صوت وصيت، وله جاه وشفاعة، وله سيارة خاصة تدرج به على الطريق العام بين داره ودار النيابة، وعجائز الحي يشرن إليه من الشرفات: هذا حسان! وهذه سيارة حسان ...!
Bog aan la aqoon