Min Caqida Ila Thawra Nubuwwa
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Noocyada
ولما كان المشفوع إليه هو الله، فإنه يدخل في العقليات في أصل التوحيد. بقي إذن المشفوع فيه وهو الكبيرة، والمشفوع له وهو المؤمن، والشفيع وهو الرسول.
فالمشفوع فيه هو الكبيرة؛ فالشفاعة أحد حلول قضية التخليد والدوام في النار لصاحب الكبيرة؛ إذ إنه يكون في النار استحقاقا، ثم يخرج منها بشفاعة الرسول.
16
ولما كانت الكبيرة عصيانا وفسقا وفجورا، فالشفاعة تكون أيضا للعصاة وللفساق وللفجار، ولكن لماذا الشفاعة لأهل الكبائر وهناك التوبة؟ وهل تجب الشفاعة التوبة؟ وإذا كانت الشفاعة قادرة على إخراج مرتكب الكبيرة من النار وقطع العقاب، فإن التوبة قادرة على عدم إدخاله النار أصلا. وقد تكون الشفاعة لأهل الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم ويمرون أمام النار، فإذا رجحت حسناتهم سيئاتهم فإنهم يدخلون النار ولا يخرجون إلا بشفاعة الرسول ورحمة الله. فالشفاعة هنا تدخل في الموازنة، وتبطل الإحباط والتكفير، وتكون حاملا مرجحا في حالة الاستواء بين الطرفين. وهي حالة افتراضية أساسا؛ نظرا للطبيعة الخيرة كعامل مرجح فيها. ولماذا تتقدم الشفاعة على رحمة الله أو تساويها وتعادلها؟ أليست رحمة الله كافية كعامل مرجح دون شفاعة؟
17
وقد تكون الشفاعة للكفار لتعجيل فصل القضاء، وتخفيف أهوال يوم القيامة!
18
لذلك كان مكانها يوم الإراحة من الوقف. فهل الله بطيء في العقاب، متباطئ في الحساب، فرح بإطالة الانتظار له ليزيد عذابا نفسيا حاضرا على العذاب البدني المتوقع؟ ولماذا يخفف الله عنهم الأهوال إذا كانت جزءا من العذاب؟ ولماذا يستعجل الرسول، والعجلة في القضاء ضد العدل، كما أن العجلة من الشيطان؟ وقد تكون الشفاعة في الجن والإنس! وماذا فعل الجن؟ هل له رسل وتكليف؟ وهل قبل الأمانة طوعا واختيارا كما قبلها الإنسان؟
19
فإذا كانت الكبيرة أساسا هو المشفوع فيه، فمن المشفوع له؛ المؤمن أم الموحد أم التائب؟ ولماذا الشفاعة؟ هل لرفع الدرجات في الجنة، أو لعدم دخول النار، أو لدخول الجنة بغير حساب؟ هل هي لهذه الأمة أم لكل الأمم بلا استثناء؟ قد تكون الشفاعة لمن استحق دخول النار كي لا يدخلها، وهذا في الحقيقة قضاء على الاستحقاق وعلى دوامه، وقول بانقطاع العذاب أو بعدم وقوعه دون شرط التوبة. وماذا يكون رد فعل من دخل النار عن استحقاق؟ أليس ذلك عدم مساواة في العقاب؟ أليس ذلك إثارة ضغائن في الجنة وثورة في النار لمن لم ينالوا الشفاعة؟ وماذا يكون رد فعل أهل الجنة الذين عملوا الحسنات، ودخلوا الجنة بعد دخول النار، وغيرهم لم يدخل النار شفاعة؟ وأين يذهبون إن لم يدخلوا النار؟ هل يدخلون الجنة أم يبقون في الأعراف؟ وقد تكون الشفاعة لإخراج الموحدين من النار، لمن له ذرة إيمان في قلبه. وهذا أيضا تفضيل للنظر على العمل، مع أن الاستحقاق يقوم على العمل، وليس على النظر، وهو أيضا ظلم الكفار الذين لهم أعمال صالحة. وهو مناقض لقانون الموازنة، الإحباط والتكفير، كما أنه ضد التوبة، وإلغاء لوظيفتها، وقضاء على الهدف منها. وإذا كانت الشفاعة تخفيفا عن بعض الكفار في أوقات مخصوصة، فهذا تخصيص بلا استحقاق، واستثناء دون حق، وتحيز ومجاملة تناقض العدل.
Bog aan la aqoon