Min Caqida Ila Thawra Nubuwwa
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Noocyada
11
ولكن في هذه الحالة تظهر عدة اعتراضات رئيسية، منها افتراض الكذب في الخبر، أو تأويله بحيث يتبدل القول، وتجويز عدم خلود الكفار في النار. وهي اعتراضات عقائدية صرفة، جدلية دينية.
12
ولكن المهم هو الاعتراضات في التجربة الإنسانية؛ فإذا كان إبقاء الثواب وإيقاف العقاب يعبران عن نزعة إنسانية، وهي تجربة التسامح والعفو، فإنه أيضا يكشف عن جانب آخر فيها، وهو رفض الإنسان العفو عن الظالم والقاهر والمعتدي والقاتل، فذلك كله ضد العدل؛ فبقدر ما يتضمن شعور المطيع العفو عن العاصي يتضمن أيضا الفرح لعقابه، وبقدر ما في نفسه من رحمة وعطف بالناس بقدر ما يحز في نفسه أيضا مرور الظالم بلا عقاب، والقاتل بلا قصاص. صحيح أن المطيع أخذ ثوابه في الدنيا من تقدير الناس واحترامه له، كما أخذ العاصي عقابه في الدنيا من تصغير الناس له واحتقاره إياه، ولكن ماذا عن المؤمن المصاب والعاصي الذي خلا من العقاب؟ (2) إثبات الاستحقاق
الاستحقاق إذن قانون عقلي ثابت مثل القانون الطبيعي، يثبته العقل وتؤكده التجربة البشرية، ولا تهم جهة الوجوب هل هو وجوب شرعي أو وجوب عقلي؛ فالشرع يقوم على العقل، والعقل أساس النقل.
13
وثبوت الاستحقاق شرعا من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع تأكيد على ثبوته عقلا وهو القياس؛ فالاستحقاق ثابت نصا، وخطاب الله صادق لا كذب فيه، بل تبدو الذات نفسها متحققة بصفاتها ومنها الرحمة؛
كتب على نفسه الرحمة ؛ ومن ثم لا خوف من وجوب الاستحقاق على أنه إيجاب على الله وفرض عليه. وإن إثبات الوجوب السمعي وحده يقضي على الغاية من التكليف، وهو إلحاق النفع بالإنسان ودفع الضرر عنه، ويجعل التكليف بلا غاية ولا غرض. ولا يقال لو أبقانا الله على العدم لاسترحنا، فالإنسان بمحض حريته اختار الأمانة وحمل الرسالة، فهو أفضل من السموات والأرض والجبال التي استراحت من عبء الرسالة ومشاق التكليف. إن استحقاق العقاب يدل عليه السمع والعقل معا. ولما كان العقل أساس السمع فوجوب الاستحقاق وجوب عقلي، والوعد والوعيد قانون عقلي ثابت. وليس الوجوب الشرعي والعقلي مجرد عادة أو تجربة بشرية متكررة، فالعادة تأكيد لوجوب الشرع والعقل وليست بديلا عنهما. الشرع والعقل تأكيد للطبيعة، والطبيعة تأكيد للشرع والعقل.
14
ولكن يظل العقل هو الأساس الذي ينبني عليه العقل، والذي تؤكده الطبيعة.
Bog aan la aqoon