Laga bilaabo Aaminsanaanta ilaa Kacaanka (1): Hordhacyada Nazariyada
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Noocyada
وهي كلها تصورات خاطئة لمعنى العقائد بعد أن تم اكتشاف أنها من وضع التاريخ، تعبر عن تجربة الجماعة الأولى التي آمنت بها وعكست فيها انفعالاتها، آمالها وآلامها، داخلها التعصب الإنساني، وتحزبت لها الفرق، وتطايرت من أجلها الرقاب، ونصبت من أجل المقصلات، ودبرت بسببها المذابح ؛ وبالتالي نشأت الثورة عليها وعلى وضعها نظرا لاستخدام السلطة السياسية إياها للسيطرة بها على العوام ورفض المثقفين لها وإيثارهم أيديولوجية تعبر عن واقعهم، مفهومة مدركة، تتحول إلى نظام سياسي واجتماعي واقتصادي، ويكون بها الخلاص الفعلي للناس، وإن كل مجتمع ما زالت تسيطر عليه العقائد بهذا المعنى السلبي فإنه ينبئ بطبيعة الحال عن ثورة قادمة، بدأت بالإصلاح وتنحو نحو النهضة حتى تتحقق شروط الثورة ومقدماتها، وقد يكون هذا هو حال مجتمعاتنا المعاصرة وانتشار الحركة السلفية فيها حاملة لواء «العقائد» على «المصالح».
ثالثا: حده
(1) نقد التعريف القديم
يكاد يجمع القدماء على أن «علم التوحيد» أو «علم الكلام» هو «العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية»؛ أي أنه العلم بالأدلة على صحة العقائد،
1
والصدق هنا نظري خالص يخضع لقواعد المنطق، ولأساليب البرهان؛ ومن ثم ينفصل الاعتقاد عن العمل، وهو الفصل الشائع في كل التسميات، فالمراد بالعقائد هنا «نفس الاعتقاد دون العمل»، وكأن العقائد موضوعات نظرية صرفة وليست موجهات للسلوك، كما يخصص القدماء العقائد الدينية بالعقائد «الإسلامية» وحدها في حين أن الأدلة على صحة العقائد تتضمن كل دين، فالعقائد واحدة: وجود الله، وخلق العالم، وخلود النفس حتى ولو اختلفت التسميات وتضاربت الآراء، وقد تجاوز القدماء أنفسهم العقائد «الإسلامية» إلى عقائد الديانات الأخرى حتى أصبح «تاريخ الأديان المقارن» جزءا من العلم، كما أن هذا الحد وضع للمنهج أكثر منه حد للعلم أي الاستدلال على صحة العقائد «بإيراد الحجج، ودفع الشبه»، وهو المنهج الجدلي ومعاندة الخصوم، والحقيقة أن هذا التعريف يثير عدة تساؤلات رئيسية منها: هل هناك أدلة على صحة العقائد أم أن الأدلة يمكن استعمالها وفقا لأهداف المستدل لإثبات أن الشيء صواب أم خطأ؟ فالدليل آلة كالمنطق يتوقف على كيفية استخدامه والهدف منه، ويمكن لنفس المتكلم أن يستدل على صحة الشيء وخطئه في آن واحد طبقا لمهارته أو مزاجه المتقلب أم مصالحه المتغيرة، كما أنه يصعب الاقتناع من متكلمين متصارعين، كل منهما يثبت بالدليل نقيض ما يقوله الآخر، وكلاهما مقنعان (مثلا: التشبيه والتنزيه، الجبر والاختيار، النقل والعقل ... إلخ)،
2
هل هناك نظرية ممكنة يتفق عليها الجميع ما دام الموضوع واحدا، والعقيدة واحدة أم أننا بصدد فرق ومذاهب متصارعة متناحرة متناقضة تضيع فيها وحدة الموضوع؟ وأن هذه الفرق لا تعبر عن العقائد ولا تستدل على صحتها بقدر ما تستخدمها للتدليل على شيء آخر في الواقع والمجتمع والتاريخ؟ فالفرق والمذاهب مصالح، ومواقف عملية وليس النظر عندها إلا غطاء للعمل وأساسا له، هل هناك عقائد صحيحة وأخرى خاطئة كما هو الحال في حديث الفرقة الناجية أم أن هناك عقائد سلطة وعقائد معارضة، وأن الذي يحدد أحد النمطين من العقائد، الهالكة أم الناجية هو الموقع من السلطة ومن يحصل عليها؟ حتى على فرض إمكانية إثبات صحة العقائد بالأدلة، هل أقنعت أحدا؟ هل قويت عقائد الناس أو آمن بها العوام؟ إن الأدلة يمكن الرد عليها بأدلة مضادة فتتكافأ الأدلة، ويقع الناس في الحيرة والتردد والشك واللاأدرية؛ وبالتالي ينتهون إلى الكفر بدلا من الإيمان طبقا لمقاييس «علم الكلام» نفسه وتصنيفه للفرق.
3
هل هناك عقائد أصلا أم أنها كلها تعبر عن مصالح وقوى اجتماعية بما في ذلك التوحيد الذي يعبر عن مصالح المضطهدين والمعذبين والمظلومين والفقراء والعبيد والمساكين من أجل إعادتهم إلى البنية الاجتماعية الموحدة، والذي يعبر عن القبائل المشتتة التي مزقت شملها الحروب والمنازعات من أجل توحيدها في أمة واحدة قادرة على وراثة الأرض والإمبراطوريتين المنهارتين آنذاك؟ إن العقيدة تعبر عن وضع اجتماعي، تأصيل نظري لموقف إنساني، ولما كانت العقائد هي وسائل للحراك الاجتماعي وكان الحراك الاجتماعي بالضرورة حراكا لصالح الأغلبية الصامتة، كانت العقيدة ثورة، وكان تاريخ العقائد جزءا من تاريخ الثورات الاجتماعية، وكان تاريخ الأديان جزءا من التاريخ البشري، هل حل الصراع العقائدي بالإقناع باستعمال الأدلة على صحة العقائد نظريا أم حله بالصراع الفعلي على الطبيعة وفي الواقع؟ لما كان الهدف من العقائد هو التأصيل النظري للأوضاع الاجتماعية والمواقف الإنسانية منها، فإن إثباتها لا يكون بالأدلة النظرية من أجل إثبات صحتها النظرية بل يكون بالدفاع عن هذه الأوضاع، كل من موقفه، بالفعل ، فالتصديق لا يكون بالعقل بل بالممارسة، لا يوجد «علم كلام» مكتبي لإثبات صحة عقائد نظرية، بل حركة صراع اجتماعي، لا يقوم به متكلم من صحن الدار أو المسجد وظهره على عمود، متكئا على وسادة وأمامه المؤلفات والمصنفات، وأمامه التلاميذ، ويحيط به المعجبون والمحاورون، بل يقوم الإمام الفقيه بقيادة هذا الصراع، وقيادة الجماهير في حركة تاريخية دفاعا عن مصالحها وتحقيقا للتوحيد، من المسجد وفي الشارع، في الحقل وفي المصنع، بقوة العقيدة وثقل الجماهير من أجل الثورة.
Bog aan la aqoon