Laga bilaabo Aaminsanaanta ilaa Kacaanka (1): Hordhacyada Nazariyada
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Noocyada
43
وبإدخال المادة الفلسفية، دخلت الثقافات الأجنبية التي كانت الفلسفة قد تمثلتها من قبل، خاصة الفلسفة اليونانية وعلى وجه أخص الطبيعيات منها، فيقتبس منها في الشروح. وكثيرا ما تؤخذ كلية كما هو الحال في المنطق، وتحتوي داخل المقدمات إما في العلم أو في الوجود أو في النفس الناطقة.
44
كان هناك وعي تام بأن هذه التحليلات الجديدة مستمدة من علم آخر هو علوم الحكمة؛ فهي تقسيمات لعلم آخر. فتتجاوز تقسيمات المتكلمين مع تقسيمات الحكماء. وما سماه المتكلمون المحدث سماه الحكماء الممكن. والقديم عند المتكلمين هو الواجب عند الحكماء ، والجسم عند الحكماء هو الجوهر عند المتكلمين. كما يستعمل المتكلمون «الجواهر المفارقة» لإثبات بعض الموضوعات السمعية. وبالتالي نشأت عملية «تشكل كاذب» داخلي بين علم أصول الدين وعلوم الحكمة. وبالرغم من اعتماد علم الكلام المتأخر على أقوال الحكماء إلا أن الاختلاف بين العلمين واضح، والاختلاف بينهما أكثر من الاتفاق طبقا لرصد المتكلمين.
والآن ما هي دلالة هذه المقدمات النظرية الخالصة؟ هل هو تفكير ديني مجرد، وبالتالي استطاع الفكر الديني أن يصوغ نفسه صياغة عقلية مجردة؟ هل هي قسمة عقلية مجردة لها آثار على الفكر الديني؟
45
هل هي قسمة عقلية مجردة، بحث في الميتافيزيقيا والفينومينولوجيا والأنطولوجيا العامة؟ هل هو فكر ديني مقنع لا بد من القضاء عليه كما يفعل الفقهاء والعودة إلى علم الكلام الأشعري أو إلى عقائد السلف القائمة على النصوص الخام؟ توحي الألفاظ المستعملة بأنها كلها تتبع قسمة عقلية واحدة تعبر عن تجربة دينية واحدة، يعبر عنها مرة بلغة الوجود مثل الواجب والممكن والمستحيل، ومرة بلغة المنطق مثل الإثبات والنفي، ومرة ثالثة بلغة الميتافيزيقا مثل الواحد والكثير ومرة رابعة بلغة الفلسفة مثل الوجود والماهية، ومرة خامسة بلغة الطبيعة مثل الجوهر والعرض، ومرة سادسة بلغة اللاهوت مثل القديم والحادث، وهي القسمة المباشرة التي تعبر عن التجربة الدينية، نقطة البداية والنهاية. والحقيقة أن كل هذه التقسيمات تشير إلى بعد واحد، وهو البعد الرأسي الذي يستقطب فيه الوجود بين طرفين موجب وسلب، وجود وعدم، واجب وممكن، واحد وكثير، ماهية وجوهر، قديم وحادث، جوهر وعرض. فنظرية الوجود التي قدمها علم الكلام كمقدمة لمادته هي في الحقيقة خادمة للإلهيات أو تعبير عن الإلهيات في صورة عقلية خالصة.
46
ولكن ما مدى صدق نظرية العلم أو نظرية الوجود على المعطيات الدينية الأخرى؟ هل تصلح هذه النظرية أو تملك أن تكون أساسا نظريا لمجموع العقائد في كل دين؟ يبدو أن المتكلمين يبحثون في الممكنات على «قانون الإسلام». فهل استطاعت هذه المقدمات النظرية بالفعل أن تكون مبادئ أولانية لكل عقيدة؟
47
Bog aan la aqoon