Laga bilaabo Aaminsanaanta ilaa Kacaanka (1): Hordhacyada Nazariyada
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Noocyada
سابعا: طرق النظر
بعد وجوب النظر أصبح آخر جزء في نظرية العلم طرق النظر أو مناهجه. فالطريق هنا يعني المنهج، طرق النظر هي مناهج النظر التي يمكن التوصل بها إلى المطلوب. ويبدو أن هذه المناهج كلها قد تم استعارتها من المنطق؛ فنظرية العلم هي في صورتها الأخيرة نظرية في المنطق، لذلك لما كان الإدراك تصورا أو تصديقا فكذلك المطلوب. إن كان تصورا يكون هو المعرف وإن كان تصديقا يكون هو الدليل سواء كان ظنيا أم قطعيا. وقد يخص بالقطعي وحده وفي هذه الحالة يسمى الدليل الظني أمارة. وقد يخص بما يكون من المعلول إلى العلة، فيسمى عكسه تعليلا؛ أي الانتقال من العلة إلى المعلول. وواضح أن التصديق عند القدماء ليس حكما، بل مجرد الدليل على التصور؛ أي ما يحقق التصور. وإذا كان الدليل بحسب اليقين ظنيا أم قطعيا، فإنه بحسب الدلالة يكون إما برهان دلالة أو برهان علة. ويلاحظ على تصور القدماء لطرق النظر سيادة نظرية المنطق على نظرية العلم، وقبول القسمة التقليدية في المنطق عند الحكماء إلى تصور وتصديق، وأن التصور ينال بالحد وأن التصديق ينال بالبرهان. وهي القسمة التي رفضها الفقهاء وفندوها وبينوا تهافتها وسطحيتها بالرغم من دخولها أيضا كمقدمة في علم أصول الفقه.
1
والتركيز أكثر على الدليل، وهو ما يعادل الحكم المنطقي، وكان أهم شيء في علم أصول الدين ليس التصورات أو الأحكام بل الأدلة. ومن البداية يتم التمييز بين الدليل الظني والدليل القطعي من أجل تأسيس العقائد. والخشية أن تكون الأدلة ظنية ويظنها المتكلم قطعية. كما يبرز برهان العلة كأحد الأدلة وهو ما سيتحول فيما بعد إلى نظرية الوجود في مبحث العلة والمعلول كجزء من المباحث الطبيعية أكثر منه جزءا من نظرية المنطق. تبدو القسمة عقلية بديهية بصرف النظر عن موضوع علم الكلام، وهو «الذات والصفات والأفعال»، وكأن الموضوع كان مجرد وسيلة لصياغة المنهج ووضع نظرية في المنطق.
2 (1) التعريف
هو الطريق إلى التصور. ولما كان عالم أصول الدين لا يعرف تصوراته فلم يركز على التعريف قدر تركيزه على الأدلة، في حين أن «التراث والتجديد» يركز على التصورات قدر تركيزه على الأدلة لمعرفة هل يمكن تصور «الله»؟ قبل «هل يمكن البرهنة عليه؟» وقد تحدث القدماء في موضوعات ثلاث في التعريف: (أ)
معرفة المعرف به تسبق معرفة المعرف، ويكون غيره وأجلى منه، ويكون مساويه في العموم والخصوص. ويكون التعريف بالخصائص المميزة. فإن كان التمييز ذاتيا فهو الحد، وإن كان غير ذاتي فهو الرسم. وإن كان الذاتي بالجنس القريب فهو التعريف التام، وإلا فهو تعريف ناقص. ويحد المركب دون البسيط؛ لأن البسيط لا حد له. وواضح أنه يستحيل تطبيق هذا التعريف المنطقي في الإلهيات؛ لأن «ذات الله» لا تساوي أحدا في العموم المطلق، ولا يمكن تعريفها بالجنس القريب والفصل البعيد؛ لأن لا جنس لها، فهي جنس الأجناس ونوع الأنواع. كما أنها ليست مركبة حتى يمكن حدها. وأقصى ما يمكن عمله هو التعريف الناقص عن طريق الصفات العرضية وهو الرسم، أقل درجة في التعريف. خاصة وأنه لا يمكن إحصاء الخصائص المميزة لها لصياغة حد لها. ويبدو أن التعريف وضع للمنطق، للموضوعات العقلية الخالصة وليس لأي موضوع «إلهي» خاص.
3 (ب)
التعريف بالمثال، وهو تعريف بالمشابهة مثل التعريف الناقص أو الرسم وهو الوارد عادة في معرفة «ذات الله»؛ إذ لا يمكن معرفتها بالحد التام، ولكن يمكن فقط عن طريق القياس والشبه، قياس الغائب على الشاهد الذي يؤدي إلى التشبيه، وهو المستعمل في علم الكلام عن قصد أو عن غير قصد، بوعي أو عن غير وعي. ويكون التنزيه بطبيعة الحال هو رد الفعل. ولكن التنزيه أيضا متعلق بالتشبيه لأنه رد فعل عليه، ورفض سالب له، وما زال يستعمل المفاهيم الإنسانية حتى في صورها الأكثر تجريدا. ولكن يبدو أن المتكلم في خطابه كان يظن أنه يتحدث بالتعريف الأول وهو في حقيقة الأمر لا يتحدث إلا بالتعريف الثاني. فلا سبيل إلى الوصول إلى الأول على الإطلاق إلا عن طريق الثاني. (ج)
التعريف اللفظي، وهو توضيح دلالة لفظ بلفظ آخر أوضح دلالة. ويستعمل في التعريف العام. وتستبعد الألفاظ الغريبة الوحشية، وكذلك الألفاظ المشتركة والمجازية بلا قرينة. ومن ثم يعرف ألفاظ «الذات والصفات والأفعال» وباقي ألفاظ علم الكلام. والحقيقة أنها في غالبيتها ألفاظ مشتركة مجازية، تفيد معاني إنسانية، ثم أطلقت على «الله» على طريق المجاز، بلا قرينة إلا من قياس الغائب على الشاهد. فالإنسان له ذات وصفات وأفعال، ثم أطلقت على «الله» فأصبحت ألفاظا مشتركة مجازية، أصلها الحقيقي في الإنسان.
Bog aan la aqoon