Laga bilaabo Aaminsanaanta ilaa Kacaanka (1): Hordhacyada Nazariyada
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Noocyada
وكثيرا ما نقف في حياتنا المعاصرة على الأشخاص ونترك أفكارهم، ونتمسك بالأفراد ونترك رسالاتهم؛ لذلك جعلنا الرسول شفيعا في اليوم الآخر، وجعلناه واسطة بين الله والخلق، واقتربنا من المسيحية فيما تقوله في المسيح، واعتبرناه قديما لم يخلق، وأبديا لا يفنى؛ ومن ثم شارك في صفات الألوهية في العقائد الشعبية المبنية على حب آل البيت، والخلود لا يكون للأشخاص بل للأعمال والأفكار.
11
ويستمر الفضل والاختيار ليس فقط للرسول، بل في آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
12
مع أن كل إنسان مسئول فردا، بعمله وليس بانتسابه إلى جماعة، ويحاول كل فريق منا أن يكون هو الوريث لهذه الجماعة الأولى، فكثر الادعاء، واطمأن كل فرد على حاله، ما دام ينتسب إلى العترة الطاهرة، والصحبة الخيرة، وقد يسمح لنفسه ما لا يسمح به لغيره، لأنه هو سليل الجماعة الأولى، مع أننا نعاني من الشللية، ونقاسي من الجماعات المغلقة، ثم يقل الفضل والاختيار حتى يمحي في عصرنا الذي يسوده الشر، ويعمه الضلال؛ ومن ثم يتدهور التاريخ، ويسير في انحطاط مستمر، ويظل التاريخ الأول قدوة للناس، يتقدمون بالرجوع إلى الوراء، ويسيرون إلى الأمام ووجههم إلى الخلف، وهو ما نحن عليه الآن، وكما يبدو في الحركات الإسلامية المعاصرة، وهذا لا يمنع الإنسان من الانتساب إلى جماعة عمل مثل الحزب أو الجمعية، ولكن هذه الجماعة توجد في أي وقت وفي أي مكان، وليست في زمان أو مكان معينين، والتجارب التاريخية التي يتحقق فيها الفكر عامة وليست محددة، قد تكون الجماعة الأولى أقرب إلينا لأنها هي التي تعمل في مخزوننا النفسي والتي يمكن اتخاذها قدوة ودليلا.
13
إن الصفوة المختارة ليست أسرة القائد ولا قبيلته ولا أصحابه، بل هي أية طليعة ثورية في أي مكان وفي أي زمان، تحاول توجيه الواقع بالفكر، فهي ليست جماعة تاريخية نسبية، بل هي جماعة فكرية لا مكان ولا زمان لها، هي كل جماعة حاولت تحرير الإنسان، وتغيير الواقع، ومناهضة الظلم، وأداء الرسالة، وإذا كان هناك وضوح في الرسالة، وإذا اشتمل الوحي على البرهان، فإن ذلك راجع إلى طبيعة الرسالة والوحي، وليس إلى فعل المبلغ، فالوحي بطبيعته واضح، والرسالة بطبيعتها عقلية، وكلاهما يشتملان على البرهان الداخلي، والوضوح النظري للإعلان والبلاغ؛ ومن ثم فالتصديق لا يحتاج إلى معجزة؛ لأن المعجزة برهان خارجي، في حين أن الوضوح النظري برهان داخلي، والقرآن ليس معجزة بمعنى خرق قوانين الطبيعة، بل بمعنى موضوعية الفكر، من ناحية المضمون وناحية الشكل، والتصديق بالفكر والإحساس بأسلوب التعبير، ورؤية المعنى والاتصال المباشر باللفظ.
14
وإن إثبات أن الرسول خاتم الأنبياء والمرسلين لا يعني أيضا تركيزا على فضائل شخص أو على مزايا فردية لأحد، بل يعني أن الوحي قد اكتمل، وأنه تطور منذ أول الأنبياء حتى آخرهم، وأن آخرهم يعني أن النبوة قد انتهت، وأن الإنسان قد استقل، وأن عقله قد استطاع أن يصل بنفسه إلى اليقين، وأن فعله بإمكانه أن يحقق رسالة الإنسان دون ما تدخل من أية إرادة خارجية عامة أو مشخصة.
15
Bog aan la aqoon