Laga bilaabo Aaminsanaanta ilaa Kacaanka (1): Hordhacyada Nazariyada
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Noocyada
28
إنكار البديهيات إذن هدم للعلم، وقضاء على العقل، ووقوع في الشك المطلق. بديهيات الحس، وأوائل العقول، وشهادات الوجدان، وتواتر الأخبار، ومجرى العادات كلها بديهيات. وهي المبادئ التي يتصورها العقل بلا واسطة، معرفة واحدة لا تختلف من فرد إلى فرد أو من مجتمع إلى آخر أو حتى من زمان إلى آخر، يدركها كل ذي عقل، وإن شك فيها أحد أو استعصى عليه إدراكها فالعيب به لا بها، ويكون ذا آفة.
29
هي مقدمات مغروزة في النفس فطرية فيها، وإذا نشأ الخلاف عليها فبسبب القرب أو البعد عنها. البديهيات واحدة، من طبيعة العقل الخالص، وكل المعارف اليقينية واحدة تستلزم وجود إنسان حي ذي حس وتجربة وحدس وعقل وتواتر ووجدان. فالعقل ليس هو العقل الصوري، بل هو الجامع للحس والوجدان والفكر والعادة. هو أحد قوى النفس مثل الحس والإدراك والخيال. بل إن كثيرا من المباحث مثل «الوحدة والكثرة» في نظرية الوجود من عمل العقل والخيال معا، العقل لإدراك الوحدة والخيال لإدراك الكثرة. العقل هنا شامل لكل شيء، شامل لقوانين الطبيعة وقوانين العقل ذاته، وهي قوانين النطق. ومعرفة أوائل العقول في حد ذاتها نظرية في العلم.
30
ولا يمكن استبعاد الوجدانيات من العلم؛ فضرورة الوجدانيات مثل ضرورة الحس والعقل، وهي ليست «قليلة النفع في العلوم لأنها غير مشتركة، فلا تقوم حجة على الغير»؛ لأنها أساس العلوم ومشتركة بين العلماء، والأساس الذي تقوم عليه وحدة العلم؛ فالعلم مشروط بحياة الوعي، والوجدان أحد مظاهره، العلم ليس صفة لموضوع، بل حالة للذات وبناء للشعور.
31
لم يفصل القدماء كثيرا هذا النوع من البديهيات؛ نظرا لوجودهم في بيئة ثقافية كان العقل فيها يمثل أحد مظاهر التحدي الحضاري، كما يمثل الوجدان بالنسبة لنا في الدورة الثانية للحضارة تحديا بالنسبة للحضارات المجاورة. وليست الوجدانيات مجرد عواطف وانفعالات ذاتية فردية نسبية، بل هي تجارب حية تظهر فيها الماهيات التي يمكن إدراكها بالعقل، وفي نفس الوقت ينكشف فيها الواقع العريض. تشمل الوجدانيات الاجتماعيات والسياسيات والاقتصاديات وكل الإنسانيات لما كان الوجدان أساسا تعبيرا عن وجود الإنسان في العالم. (4) إثبات العلم النظري
وكما أنه لا يمكن إنكار العلم الفطري البديهي، فإنه أيضا لا يمكن جعل العلم كله ضروريا فطريا بديهيا، وإنكار العلم النظري الاستدلالي الاكتسابي كما هو الحال عند أصحاب المعارف بالعلوم الضرورية أو أصحاب الطبائع. فالضروري أساس الاستدلالي، والفطري مقدمة للكسبي، والبديهي شرط النظري. لا يمكن أن تكون التصورات كلها ضرورية وإلا لاستحال البحث والنظر، ولم يطلب أحد شيئا من العلوم والمعارف. لا يمكن جعل التصورات الفطرية دون اكتساب؛ فكثير من التصورات تنشأ من الأوضاع الاجتماعية والثقافات السائدة.
32
Bog aan la aqoon