Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
ولما كان هذا الموقف طائفيا صرفا يبرر النظام القائم، كان من الطبيعي أيضا أن يحدث رد فعل عليه من الفرق الأخرى، فرق المعارضة، من أجل تغيير النظام القائم بالسلاح نفسه. فقالت بطاعة إمامها الخاص الذي يخرج بالسيف على أعدائها دون أن تتبرأ من القاعدة عن نصرته. فطاعة الإمام من طاعة الله ضد أن تكون طاعة الله من طاعة الإمام، إذا آمن الإمام آمنت الرعية، وإذا كفر الإمام كفرت الرعية، وهو الوضع نفسه في النظام القائم وتراث السلطة، إلا أن هذه المرة من فرق المعارضة وتراث المعارضة.
15
والحقيقة أن الواقع التاريخي بقدر ما يكون البعض منه مع طاعة الإمام فإن كثيرا منه مع الخروج عليه. وإذا كانت طاعة الإمام واجبة على الإطلاق بلا شروط، فلماذا قتل خلفاء من الأربعة الراشدين، أي من داخل نظام السلطة، وليس فقط استمرار الثورات من داخل المعارضة بكل فرقها الداخلية والخارجية، السرية والعلنية؟
وقد يبلغ حد طاعة الإمام إلى قبول الإمام الجائر وحكم الباغي! فالعقد والاختيار يكون فقط في البداية لا في النهاية، طريقا للبيعة يفعل الإمام بعدها ما يشاء! أما إذا بغا الإمام وطغا بعد ذلك فتظل البيعة الأولى قائمة. فإذا ما تغلب إمام آخر عليه بالقهر دون بيعة فإنه يظل إماما ما دامت تتوافر فيه بعض الشروط العادية مثل الإسلام والعقل، غلبة بغلبة، وبغيا ببغي، بل قد لا تلزم بعض الشروط العادية الأخرى مثل الذكورة أو البلوغ. وعلى هذا النحو يتم التشريع لحكم الطغيان ولأمراء العسكر وسائر الجند، كل ينقض على الحكم وينصب نفسه إماما. وقد كان الأمر في البداية مجرد تبرير لحكم البغاة وأئمة الطغيان، ثم تحول التبرير إلى تأصيل نظري مستقلا عن الواقع التاريخي الأول، حتى أصبح يخلق واقعه الخاص، ويفرز أئمة بغاة وحكاما طغاة.
16
إن أقصى ما يمكن للإمام عمله فيما إذا أخطأ أن يرجع إلى الصواب ولا يمضي حكمه، سواء كان ذلك مقرونا بتوبة أو بدونها. وكأن الخطأ في الحكم مجرد خطأ فردي يعود على الحاكم نفسه دون أن تكون له آثاره على باقي الأمة حربا أو سلما، غنى أو فقرا. كما أن مقاطعة الإمام تجاريا، وعدم الدخول معه في عقود بيع أو شراء، تجعل من الحاكم التاجر الأول والصانع الأول والزارع الأول، علاقته بالرعية علاقة مكسب وخسارة! يكفيه العزل الاقتصادي كمقدمة للعزل السياسي ! وهكذا يتراوح الوضع بين الاستسلام للأمر الواقع وطاعة الإمام الجائر، وبين فسخ عقد البيعة والخروج عليه، وإلا إذا قضى الإمام بحكم جور في منطقة كفرت الأمة كلها من أقصى الأرض إلى أقصاها.
17
لقد ركز التراث على طاعة الإمام أكثر من تركيزه على الخروج عليه، وأقام علاقة الإمام بالرعية على الطاعة المطلقة وعدم المعارضة، وعلى تلقي الأوامر وتنفيذها بلا مناقشة، وكأن البشر آلات صماء مهمتهم التنفيذ كما هو الحال في الجماعات السرية والنظم العسكرية والأنظمة التسلطية، وهو قضاء على استقلال الشخصية ودور العقل وحرية الفرد ما دامت علاقة الإمام بالرعية علاقة تسلط وقهر من طرف، وتبعية وخضوع واستسلام من الطرف الآخر. وكثيرا ما كان يخفي تأليه الإمام استغلاله للأمة ما دامت تعتقد في ألوهيته وعصمته وشرعية ما يفعله، وتوجب له السمع والطاعة، وكأن تأليه الإمام كان له هدف سياسي، وهو طاعة الأمة وتبعيتها له. بل لقد أعطى الإمام لنفسه الحق في مطاردة خصومه السياسيين لدرجة قتالهم باعتبارهم أهل الضلالة، واستئصالهم من جسد الأمة؛ فبدلا من قتال أئمة البغي يقاتلون هم معارضيهم والخارجين عليهم، وتتحول طاعة الأئمة إلى إرهابهم للناس من أجل السيطرة عليهم. ويتهم كل من يخرج على الإمام بأنه خارجي بما تحمل من معاني العصيان والخروج على القانون، كما هو الحال في الحركات الإسلامية المعاصرة.
18 (2-2) خلع الإمام
إذا لم يتم فسخ عقد البيعة نظرا لنقض الإمام له بعد عقده وبيعة الناس له، وجب خلعه. وللناس أن يخلعوه إذا ما أخل بأمور الدين وأهمل أحوال المسلمين، وهو ما لأجله أقيمت الإمامة. لا يعزل بالفسوق والفجور فقط، أو بإطباق الجنون عليه، أي بصفات شخصية، بل لإضراره بمصالح المسلمين وظلم الناس وممارسة صنوف التعسف والجور ضدهم وتبذير الأموال. إن كفره وترك صلاته أمور يحاسب عليها في الآخرة، أما في الدنيا فإنما يحاسبه الناس على الظلم واغتصاب الأموال وضياع الحقوق. فإذا استعصى خلعه لقوة شوكته أو لقلة حيلة الناس وضعفهم، فعليهم ارتكاب أدنى المحظورين واختيار أخف الضررين، طاعة الإمام الباغي أو خلعه، وما يترتب على ذلك من الخروج عليه والدخول في معركة غير متكافئة معه. فإذا ما اختارت الأمة الطاعة لأنها أهون الشرين، كانت بمثابة المكره على فعل شيء لا ترضاه، وليس على المكره حرج. إذا كان وجوب العزل لسبب افتراضي مثل وقوع الإمام في يد الأعداء، فإن عزله أوجب لسبب حقيقي، وهو ظلم الرعية والتعسف بها. لا يوجب عزله ظهور من هو أفضل منه، وذلك لجواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل، ومع ذلك يوجب عزله إذا لم يحسن المفضول استخدام القدر من العقل لرعاية شئون الرعية. وقد يكون من الأكرم للإمام المخلوع أن يخلع نفسه بنفسه دون انتظار خلع الناس له إذا ما شعر بعجزه عن تدبير شئون الرعية.
Bog aan la aqoon