Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
وقد تصيب المحكمة الأولى ثم تخطئ بعد ذلك بخروجها على الإمام.
26
وقد يخطئ الإمام دون أن يفسق إذا كان حكمه نتيجة عن اجتهاد، وفي هذه الحال يكون خطؤه صوابا ما دام قد تم عن اجتهاد. قد يصيب الإمام ولكن يأتي الخطأ من أحد الحكمين الذي خدع الآخر.
27
كما يصعب تكفير الإمام بعد الالتجاء إلى التحكيم، خاصة وأنه كان مدفوعا إليه من أنصاره قبل أن يتبرءوا منه، وبعد أن نزل الإمام على رأيهم وأعطى العهود والمواثيق لخصومه.
28
وإن رفض التحكيم وإن كان يدل على قوة اقتناع بالحق، ورفض للمصالحة مع الباطل، وضرورة إقناع الخصم بالفعل في ميدان القتال من أجل إلحاق الهزيمة به، إلا أنه قد يكون قصر نظر؛ فالتشبث بالحق من حيث النظر قد يكون أحيانا طفولية سياسية من حيث العمل؛ لأن ما يمكن تحقيقه بالنضال المستمر يمكن أن يتحقق أيضا بالتحكيم؛ فالتحكيم نوع من إلزام الخصم السياسي بالحجة، ويؤسس حياته على النظر. وفي هذا الجو النفسي المشحون، حيث يريد كل مقاتل أن يكون صاحب رأي، ويريد كل صاحب رأي أن يكون حامل سيف، تظهر البطولة في التشدد وعدم التنازل والتطرف؛ فالتمسك بالحق بطولة نظرية، والبطولة في القتال تمسك بالحق. وفي هذا الإطار من تخفيف العواطف وتهدئة الخواطر قد يتم تصويب الكل، فالكل مجتهد معذور، أو قد يمنع الكلام في الموضوع ويحال إلى الله، أو يتم إنكار الواقعة التاريخية رغبة في الهروب منها.
29
ولكن تصويب الكل يعارض بالحرب والقتال في الواقع، والواقع أبلغ من الموقف النظري. وإحالة الحكم إلى الله يهدئ الخواطر، ولكنه لا يوقف الحرب. أما إنكار الواقعة التاريخية فإنه يحدث تخلصا من الموقف، وهروبا من الواقع، وإيهاما للنفس بالخلاص، وتحررا فارغا لها من الإشكال. والحقيقة أن المتأمل في رواية التحكيم يجد أن الحق كان من جانب الإمام؛ فقد أنهكت الحرب الفريقين، ولم يعد هناك حل عسكري إلا بإراقة مزيد من الدماء. أما الخصوم فقد كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، ولم يكن التحكيم بالنسبة لهم إلا حيلة للقضاء على وحدة معسكر الإمام. ولم يقم ممثل الخصوم بإجراء الحيلة إلا بعد رشوة، حكم مصر مدى الحياة. وقد نجحت الحيلة في إيقاع الشقاق في معسكر الإمام وخروج الخوارج. وقد وضعت الحيلة بحيث يحدث الشقاق، سواء في حالة القبول لأنه لا حاكم إلا الله، أو في حالة الرفض لأنه كيف يرفض الحكم للكتاب؟ وقد تردد الإمام في القبول أولا، ولكن نزولا على رغبة الجند قبل التحكيم. وكان لا بد من التزام الإمام بالعهود والمواثيق التي أعطاها بعد قبول التحكيم. وقد استغل الخصم الدين، رفع المصاحف على الرماح، لأغراض سياسية محضة، نظرا لما يعرفه عن تقوى الإمام وجنده، بينما ضاعت التقوى من معسكر الخصوم، حتى إن فاتح مصر هو الذي قام باقتراح الحيلة وإجرائها، وكأن عمالته تحت الخليفة الثاني كانت مخالفة لعمالته تحت الحكام من بعده، وكأن الحاكم هو الذي يفرض على العامل قيمه وسلوكه. (2) الواقع التاريخي المتغير
ارتبط موضوع النظر والعمل بواقع تاريخي ثابت هو الواقع التاريخي القديم، حتى لأصبح من المستحيل الحديث عن موضوع الإيمان والكفر والفسوق والعصيان، بل والحكم والثورة، إلا من خلال المادة التاريخية القديمة بأسمائها وأشخاصها وفرقها وحوادثها حول الفتنة الكبرى. والحقيقة أن القصد من تحليل هذه المادة ليس أخذ صف هذا الفريق ضد ذاك الفريق، وتبرئة فرقة وإدانة أخرى، بل إعطاء نماذج من المواقف السياسية التي يمكن أن توجد في كل عصر من أجل تحليل الاختبارات السياسية الممكنة؛ فالمادة التاريخية القديمة تعطي أنماطا مثالية كما هو الحال في القياس من أجل أن تقاس عليها كل مادة جديدة.
Bog aan la aqoon