Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
80
والعجيب تكفير من يسقط الشرائع ومن يثبتها، وكأن الشرائع مجرد ذريعة فقط لتكفير المعارضة أيا كان نوعها. فما العيب في جعل الإيمان علما والكفر جهلا؟ ألا يشير العلم والجهل إلى مستوى النظر والمعرفة في السلوك؟ وما العيب في القول بالمنزلة بين المنزلتين، ومحاولة إيجاد حكم لمرتكب الكبيرة بين الإيمان والكفر حفاظا على وحدة الأمة، وفي الوقت نفسه حفاظا على وحدة الإيمان والعمل؟ ليس في القول بالمنزلة بين المنزلتين تهاون مع الصغيرة أو مع الكبيرة؟ فمن الفساق من هم أشر من الزنادقة والمجوس. المهم هو زعزعة الأحكام المتناقضة على طرفي النقيض، مثل رفض الإجماع على حد الشرب، واعتبار سارق الحبة منخلعا عن الإيمان، وإيجاد حكم يستجيب إلى مطلبي النظر والعمل، ضرورة الوحدة في النظر والتمايز في العمل. وعلى هذا يقوم قانون الاستحقاق.
81
وقد تم أيضا تكفير الاتجاهين المتعارضين في الإيمان والعمل، اتجاه الشدة واتجاه اللين،
82
وكأن الهدف هو تكفير كل فرق المعارضة، تجريح سلوكها، سواء أسقطت الشريعة أم قالت بالتوسط فيها، سواء أخذت موقفا متشددا أو أخذت موقفا لينا. فما العيب في القول بضرورة النظر السليم ومعرفة الحلال والحرام كرد فعل على الخلط النظري في الإيمان كأساس معرفي للسلوك؟ ما الخطأ في التركيز على المعرفة كأساس للسلوك في التفرقة بين الإيمان والتكفير؟ أليست معرفة الله ضرورية للإيمان ضرورة الفعل والسلوك؟ وإذا كانت أسماء الله معايير للسلوك، فإن الإيمان يكون معرفة الإنسان بها والكفر جهله بها، ببعضها أو كلها، ومع ذلك يمكن العذر بالجهالة؛ وبالتالي لا يمكن تكفير الفرقة الناجية لذلك إلا إذا كان القصد من التكفير استبعاد المعارضة، والتستر على ذلك بالآراء والمواقف النظرية.
83
أما بالنسبة للعمل، فلماذا يكفر من يأخذ الأمور بالشدة في وقت عز فيه العمل، وعم الجهل والخلط، وازدهر فيه النفاق، وتم التشريع فيه للفسق؟ وما العيب في جعل العمل جزءا متمما للإيمان، فالإيمان بلا عمل فارغ، والعمل بلا إيمان أهوج؟ لقد كان ذلك رد فعل طبيعي على إخراج العمل عن الإيمان، أو اعتبار مرتكب الكبيرة مؤمنا؛ حماية للسلطان، ودفاعا عنه، واتقاء له من مخاطر الثورة ضده. فمرتكب الكبيرة كافر نظرا لأهمية العمل والعمل المؤثر. وقد يصل إلى حد تكفير النبي إذا ما ارتكب الكبيرة. ومع ذلك قد يظل مرتكب الكبيرة وموحدا، وإن كان غير مؤمن، أو يكون كافر نعمة وليس كافر ملة. وفي هذه الحالة لا يمكن للفرقة الناجية تكفيره نظرا لتوحيده.
84
ولما كان الطرفان يلتقيان فقد تتحول الشدة مع الآخر إلى اللين مع الذات؛ الشدة مع مجتمع القهر، واللين مع مجتمع الاضطهاد، فلا حرام إلا ما حرم القرآن. وهذا مظهر من مظاهر التشدد مع الآخر كرد فعل على الاحتكام إلى أهواء الناس. والسكر من الشراب الحلال حلال؛ لأن العبرة بالبداية لا بالنهاية، هذا مظهر من مظاهر اللين مع النفس. وإيقاف الحدود للقاذف والزاني تلبية لمطالب المجتمع المغلق في مواجهة مجتمع القهر، الطهارة في مواجهة النجاسة. وإن الإبقاء على الحدود وعدم التكفير على الإطلاق هو إبقاء على بعض الصلاة بالمجتمع الأم، ومع ذلك يؤدي نظام القرابة والمصاهرة من بين مجتمع القهر وأخذ الزكاة من العبيد إلى تقويته، وإحكام غلقه في مواجهة مجتمع القهر. ويمكن قبول طاعة لا يراد الله بها ما دامت تؤدي إلى صلاح النفس، فالطاعة حسن في ذاته.
Bog aan la aqoon