Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
70
وفي مجتمع الاضطهاد من الطبيعي أن يصير الإمام نبيا إن لم يكن إلها؛ فهو صاحب رسالة وبلاغ، صاحب دعوة وحق، إحساسا بالدعوة والرسالة من أجل شحذ الهمة ولم الشمل وتجنيد الدعاة. وكرد فعل على اغتصاب السلطة من الإمام الجائر يرتفع الإمام المظلوم إلى مصاف النبي. وكأن النبوة أساس للإمام وليست للنبي. ولكن الذين أخذوا مكان الإمام، أئمة الزور، هم الذين منعوه. والقول بأن جبريل أخطأ في تبليغ الرسالة إلى الرسول الحق هو مجرد تشبيه ومغالاة من أجل إعادة الحق الضائع إلى الإمام المهضوم. وإذا كان النبي يأخذ النبوة من الله بواسطة جبريل، فإن الإمام نبي من الله مباشرة، يمسح الله رأسه بيده، ويطلب منه التبليغ للناس مباشرة بلا حاجة أو واسطة، وهي درجة في القرب أعظم. والوحي متصل لا ينقطع، تتواصل النبوة في الإمامة؛ مما يجعلها أكثر قدرة على تجنيد الناس. وقد تعمم النبوة، ويصبح كل مؤمن نبيا حتى ينشأ الفرد الداعية صاحب الفكرة والمحافظ على المبدأ. وقد يبلغ إيمان البعض إيمان الملائكة؛ فليس صعبا إنشاء الإنسان المتوفق «السوبرمان». ينالون الخلود، ويرفعون إلى السماء كما هو الحال في تاريخ الأديان في اليهودية (أخنوخ، دانيال)، وفي المسيحية (المسيح). وقد يغلب الواقع الحلم فيموتون. النبوة والرسالة صفتان غير الوحي. والوحي هو الشيء المحمول، والرسالة علاقة النبي بغيره (البعد الأفقي)، أما النبوة فعلاقة النبي بالله (البعد الرأسي). إذا ما تطورت النبوة ثبتت الإمامة؛ لأن تطور النبوة إثبات للإمامة وتحقيق لغايتها. كل مرسل رسول، وليس كل رسول مرسلا. وذلك إثبات آخر للإمامة؛ لأن الإمام مرسل، وبالتالي فهو رسول. والمعجزة والعصمة ليسا حكرا على النبي، بل يعمان الإمام. الخلاف إذن بين الفرقة الناجية والفرق الضالة خلاف في الدرجة وليس في النوع؛ فكلاهما يثبتان المعجزة والكرامة والعصمة، ثم يختلفان في الثبوت فيه؛ النبي وحده أم النبي والإمام. وإن الظروف النفسية لمجتمع الاضطهاد، عزل الإمام وتثبيت خلفاء النبي، هي التي ولدت رد فعل دفاعي مضاد، تثبيت الإمام حتى ولو أدى ذلك إلى عزل النبي.
71
إن الفرقة الناجية لا تميز بين مراحل الوحي السابقة وبين آخر مرحلة، وتقضي على الفرق في النوع بين العموم والخصوص، بين تطور النبوة واكتمالها، بين الحاجة إلى المعجزة كبرهان خارجي، والحاجة إلى دليل داخلي في الفكر والتشريع. فالوحي في آخر مرحلة عندما تكتمل النبوة لا يفعل الأعاجيب، ولا يقوم على المعجزات، بل يكون قد أدى غرضه، وهو الإسراع في تطور الوعي الإنساني وتحقيق كماله، حرية الإرادة واستقلال الذهن. فإذا ما تحققت الغاية لم يعد الإنسان بحاجة إلى نبوة، يكتمل الوحي وتنتهي النبوة، ويصبح العلماء ورثة الأنبياء؛ أي استمرار الوعي النظري والممارسة العملية في قيادة الأمة وتأسيس الدولة. وهو أيضا ما أكدته الحركة الإصلاحية الأخيرة.
72 (3-2) مستقبل الإنسانية (المعاد)
وفي موضوع المعاد، لماذا يكفر قانون الاستحقاق؟ ولماذا الاعتراض على منع التوبة في حالة الإصرار عليها والعلم بها والقدرة عليها؟
73
وما العيب في أن يكون العقل مناط التكليف؟ أليست هذه كلها أيضا من عقائد الفرقة الناجية؟ ليس المهم إذن هو التكفير العقائدي النظري، بل مدى توظيف هذه العقائد دفاعا عن السلطة كما تفعل الفرقة الناجية، أم الثورة عليها كما تفعل الفرق الضالة. وأيهما أفضل؛ الاستحقاق أم الشفاعة، التوبة أم العفو، الشهادة أم البشارة كطريق للجنة؟ ونظرا لأهمية التكليف والإيمان، فمن الطبيعي أن يكون اليهود والنصارى والزنادقة والمجوس والأطفال والبهائم لا يدخلون جنة ولا نارا؛ فالعقل والتبليغ أساس التكليف. وهو لا يختلف كثيرا عن عقائد الفرقة الناجية. وفي تشخيص قانون الاستحقاق بعد الموت، فإن القول بالتناسخ هو نوع من إثبات خلود الروح والمادة معا، كما هو الحال عند آخر الحكماء في خلود العقل الكلي ضد الفردية والتقطع من أجل الشمول والتواصل، بالرغم من الاعتراضات الفقهية عليه. وقد يكون الدافع لإنكار القيامة هو حدوث الهول والزلزلة في الدنيا، فلم يعد هناك فرق بين الواقع والخيال؛ إذ يتحول الواقع إلى خيال، والخيال إلى واقع. فالنعيم والعذاب في الدنيا وليسا في الآخرة، دون حاجة إلى تعويض عن الدنيا في الآخرة. وقد يحدث تشخيص للجنة والنار، فتصبح الجنة رجلا تجب موالاته وهو الإمام، والنار رجلا تجب عداوته وهو عدو الإمام، يتحول كل شيء إلى الإمام ونقيض الإمام. ولماذا تخلق الجنة والنار الآن ولا حاجة لأحد بهما؟ من يقطن فيهما؟ وما الفائدة منهما وهما بلا سكان؟ وأيهما أفضل؛ مشاركة الجنة والنار صفة البقاء، أم القول بفنائهما حتى يبقى الله وحده؟ وما دام الأمر كله تشبيها وتشخيصا، فالقول بأن الجنة والنار لم يخلقا بعد هو أقرب إلى العقل، وأكثر سيطرة على الخيال.
74
إن عقائد الفرقة الناجية في أمور المعاد تشخيص وتشبيه وتصوير، كما هو الحال في التوحيد، دون تمييز بين قانون الاستحقاق وصوره المشخصة. تقضي على قانون الاستحقاق، وتوقع الإنسان في عالم لا يضبطه قانون ولا يحكمه فكر، وتتحول الفرقة الناجية إلى أهل هوى وضلال.
Bog aan la aqoon