Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
أما بالنسبة للصفات الشخصية فما أكثرها أيضا، ولكنها في مجموعها لا تخص شخصا بعينه، بل كانت عامة وشائعة على درجات متفاوتة بين جميع الرفاق. فالعلم كان صفة القوم نظرا لأن الوحي علم يتلقونه بالخبر والرواية، ويشمل العلم التشريع لأن الوحي عقيدة وشريعة، تصور ونظام، أصول دين وأصول فقه. والزهد كان سلوكا عاما مميزا لكل الأصحاب، والكرم كان شيمة عامة يتنافس فيها المؤمنون، والشجاعة صفة غالبة في مجتمع المحاربين، والقوة العضلية ميزة خلقية لا تفاضل فيها، وحسن الخلق وحلاوة الدعابة ميزتان توجدان في أكثر من شخص غير معينتين في شخص واحد بعينه. أما القرابة من الرسول ونسبه له فليست ميزة شخصية ولا فضلا، كما أن أولاده من صلبه بالرغم من إمامتهم، فإن فضلهم يرجع إلى استحقاقهم وليس إلى نسبهم.
14
وكما يحدث اختلاف في الترتيب بين الثالث والرابع، أو بين الأول والرابع، أو بين الثاني والرابع ، وكأن الرابع لا يزاحم الثالث فقط في الفضل، بل يزاحم أيضا الأول والثاني أيضا، يؤخذ الأول على الإطلاق بصرف النظر عما يليه في الفضل، سواء من داخل الخلفاء الثلاثة أو من خارجهم من باب الرفاق. فقد يكون الأول على الإطلاق هو الثاني أفضل الخلفاء الأربعة جميعا. وأي فضل أفضل من العدل وأي أفضل من الفاروق؟ وقد يأتي في البداية أحد من أهل العلم والرواية يتبع في علمه الفاروق، وقد يأتي أحد المناصرين له، أول من آواه في بيته أو نصره بسيفه.
15
وقد يأتي الترتيب في الفضل ثنائيا أو ثلاثيا طبقا لمقاييس العلم والشجاعة، والنظر والعمل.
16
وكلها في الحقيقة اختيارات سياسية لقيادات هي تعطي شرعية للفرقة السياسية التي تنتسب لهذا الصاحب أو لذاك كزعيم سياسي؛ فالموضوع إنما نشأ أصلا تبريرا للتاريخ، وتعبيرا نظريا عن الصراع السياسي بين السلطة والمعارضة، كل منها تحاول أن تجد شرعية لها في التاريخ، سواء في الأمر الواقع أو فيما ينبغي أن يكون. وما الأمر الواقع إلا مؤامرة تمت منذ البداية، والواقع لا يكون مبدأ، والمستقبل الحاصل للشرعية والحق المهضوم الذي لا يضيع، بل لا بد أن يكون أقوى من الحاضر الذي فيه الاستسلام للأمر الواقع وحكم الظلم. وإن ترتيب الخلفاء الأربعة لهو ترتيب زماني صرف طبقا لحوادث تاريخية صرفة، وليس ترتيبا أصلا في الفضل النظري.
إذا كان الخليفة الأول قد مات طبيعيا فإن الخلفاء الثاني والثالث والرابع قد ماتوا غيلة؛ أي بتدخل عوامل خارجية. وكان يمكن للرابع أن يموت اغتيالا قبل الأول، وكان يمكن للثاني أن يعيش قبل الرابع. ويتساوى الأربعة في مشاهدة التنزيل ومعرفة التأويل لو كان التفضيل يعني هذه العموميات ومدح الرفاق والثناء على خصائصهم، ولو كان يعني الفضل عند الله والسبق في الدين.
17
وهو ما لا يعرفه أحد إلا بالنص القاطع دون إمكانية الحكم فيه بالعقل أو بالواقع؛ وبالتالي تغيب عنه الأدلة العقلية والتاريخية، ويصبح خارج علم أصول الدين الذي يقوم على العقل والنقل، والذي يكون فيه العقل أساس النقل؛ لأن الظن لا يغني عن الحق شيئا طبقا لنظرية العلم في المقدمات الأولى. وهي مسألة لا يمكن الحصول فيها على يقين نظرا لصعوبة إيجاد مقاييس للتفضيل إلا العمل والاستحقاق، والحكم فيها بالفضل ليس للناس؛ لأن الاستحقاق في المعاد وليس في الدنيا. وقد وضعها القدماء ورأوا فيها جزءا من العلم كملحق للإمامة عن طريق التقليد، والتقليد ليس أصلا من أصول العلم، فهي فرع للفرع. ونظرا لأن الإمامة فرع فقد وضعت أيضا في بنية العلم عن طريق جريان العادة. وقد كان للموضوع أهميته في الماضي، فقد سالت لأجله الدماء، ولكنه لم يعد بذي أهمية الآن إلا كحادثة تاريخية صرفة يجد فيها كل نظام سياسي حجة شرعية له في الانتساب لأحد الأطراف كما هو الحال في شرط القرابة. قد يتجاوز الأمر دافع الحسد والتعصب لصعوبة تفسير حوادث التاريخ بالعوامل الفردية والانفعالات النفسية وحدها، ولكن الأهم هو أنها حوادث تاريخية لا تهم إلا بقدر ما يقرأ الحاضر نفسه في الماضي، ويبدو الأمر وكأنه اختلاف في تفسير التاريخ.
Bog aan la aqoon