Cabdiga ilaa Kacaanka (5): Iimaanka iyo Camalka - Imaamnimada
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Noocyada
إذا كان الرسول هو أفضل الأمة بفعل الرسالة والتبليغ، ولأنه قدوة في السلوك، فإن أول خيط التفضيل من بعده يتمثل في الخلفاء الأربعة، الخلفاء الراشدين الذين يتدرجون في الفضل من الخليفة الأول حتى الخليفة الرابع، فينهار التاريخ شيئا فشيئا، ولكن يظل، وبرغم قتل ثلاثة منهم غيلة، وبالرغم من الفتنة في أيام الخليفة الرابع، يظل الانهيار محصورا دون هبوط شديد أو انكسار حاد. يبدأ السقوط إذن من ترتيب الإمامة في التاريخ على هذا النحو المتدرج طبقا لمراتب الفضل. ولكل إمام لقب؛ فالأول الصديق لأنه صدق الرسول، والثاني الفاروق لأنه عدل يفرق بين الحق والباطل، والثالث ذو النورين، نور القرابة ونور الخلافة، والرابع المرتضى الذي رضي الله عنه. وإذا كانت الإمامة بها صلاح الدنيا، ويجوز تولية المفضول دون الأفضل، يكون التفضيل إذن لا معنى له؛ لأن مقياس الإمامة ليس الفضل الفردي، بل رعاية مصالح الناس وتدبير الشئون العملية التي قد ينجح فيها من هو أقل فضلا. ما يتطلبه الإمام العدل والتدبير حتى وإن لم يكن أعلم القوم؛ نظرا لاعتماده على أهل العلم في الاجتهاد والفتيا.
9
وإن معظم الحجج التي تؤيد هذا الترتيب هي حجج نقلية، مع أن نزول بعض الآيات في أحد لا تجعله أفضل من غيره؛ لأن أسباب النزول مجرد وقائع نموذجية تتكرر فيما بعد في وقائع أخرى مشابهة، ولا تقل الواقعة الثانية عن الأولى أهمية، وقد نزلت بعض الآيات في المنافقين والمشركين وهم ليسوا بأفضل الناس، كما أن الوحي لا يتحدث عن أشخاص بعينهم، بل يصف مواقف ولا يهم الأشخاص فيها، وما أكثر ما قيل في فضائل الخلفاء؛ وبالتالي تتكافأ الأدلة النقلية.
10
ومع ذلك قد يحدث بعض الاضطراب في التعيين، فيهتز هذا الترتيب في انهيار التاريخ تدريجيا من الأفضل إلى المفضول. والاهتزاز الأكبر يأتي في الخلاف حول الخليفتين الثالث والرابع، وبالتالي تبادل موقعيهما، فيقدم الرابع على الثالث نظرا لأنه أكثر فضلا منه. وبالرغم من تبادل المواقع يظل سلم التفضيل لا يتغير، من الأفضل إلى المفضول، بصرف النظر عن تعيين الأشخاص.
11
وتظهر الأهواء والمواقف السياسية في تفضيل كل منهما على الآخر، ونادرا ما يحدث اضطراب في التفضيل بين الخليفتين الأول والرابع أو بين الرابع والثاني، والكل مشهود له بالفضل والجدارة.
12
وما أكثر الحجج التي قيلت في تفضيل الخليفة الرابع على الثالث، وهي تعادل في كثرتها الحجج التي تثبت أفضلية الخليفة الأول على الإطلاق، بعضها نصية قد يكون الخليفة الرابع سبب نزولها. وأسباب النزول لا تتعلق بالأعيان والأشخاص في ذاتها، بل هي مجرد وقائع نمطية أولى يتعدى حكمها إلى غيرها، وللوقائع الأخرى المشابهة نفس الصدق التي للواقعة الأولى. كما أن الكثير منها عموم وليس خصوصا؛ لأنها تضع تشريعا عاما لا قانونا خاصا. وإذا كان البعض منها يشير إلى القرابة، فالقرابة ليست شرطا في الخلافة ولا في الفضل، والبعض منها آحادا يعتمد عليها في إثباته كخليفة أول لا يصدقها الواقع ولا التاريخ، وتصديق بعض الأخبار المستقبلة عليه مثل تصديق البعض الآخر على غيره، وإن كل هذه الحجج النقلية إنما ظهرت بعد تجربة الإمامة المستبعدة والخلافة المؤجلة في واقع سياسي معين جعله يبحث عن شرعية، فوجدها في الحجج النقلية في مجتمع النص فيه حجة سلطة. فالواقع هو الذي يخلق النص ويختاره ويوجهه من اللاحق إلى السابق، ومن الحاضر إلى الماضي، وليس النص هو الذي يعين الواقع ويرشد إليه من السابق إلى اللاحق، ومن الماضي إلى الحاضر. الواقع يقرأ نفسه في النص فيوجده ويحييه، وليس النص الذي يخلق الواقع ويتحقق فيه. ولما كثرت النصوص في كل شيء كان من السهل إيجاد الحجج النصية على شرعية كل المواقف السياسية والبراهين على صحة الزعامات بما في ذلك القاهر والمقهور، الظالم والمظلوم، السلطة وجميع فئات المعارضة.
13
Bog aan la aqoon