214

Laga bilaabo Caqiidada ilaa Kacdoonka (3): Caddaaladda

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

Noocyada

يمثل إثبات اللطف إذن خطورة على حرية الأفعال وتهديدا لأول مكتسب للعدل. وكيف يثبت اللطف أنصار حرية الأفعال؟ الأولى بإثباته أصحاب الكسب لأنه أقرب إلى الاستطاعة التي يخلقها الله ساعة الفعل، ولكن هذه المرة من القدرة ولإزالة الموانع، وكلاهما مساعدة من الخارج للتوفيق. والمساعدة ليست من الخارج بل من الداخل ولكن الإنسان لا يعي القدرات غير المنتظرة نتيجة للإخلاص والتضحية.

اللطف إذن عكس الحرية. إذا كان الإنسان قادرا ولديه استطاعة قبل الفعل ومع الفعل وبعد الفعل ففيم اللطف؟ ألا يعتبر اللطف حينئذ تدخلا في حرية الأفعال؟ إنه ليصعب التوفيق بين الحرية واللطف.

14

إن إنكار اللطف ليس إنكارا للقدرة بل إثبات لحرية الاختيار. بل إن التكليف ابتداء لا يحتاج إلى لطف اللهم إلا إذا اعتبرنا العقل والحرية من الألطاف مع أنهما من مكتسبات العدل الذي انبثق عن التوحيد بفعل الحرية ثم انبثق العقل عن الحرية لأنها حرية عاقلة. ألا يمكن للإنسان ترك اللطف اختيارا والاعتماد على حريته وعقله؟

15

وكيف يمكن التوفيق بين اللطف من ناحية والحرية والعقل من ناحية أخرى؟ وماذا لو رفض الأحرار العقلاء اللطف، فالحرية لديهم قادرة على الفعل، والعقل لديهم قادر على الوصول إلى التكاليف؟ وإذا كان اللطف يتدخل في الحرية إلى المنتصف ففيم الحرية؟ ولماذا لا يقطع اللطف الشوط كله؟ وماذا عن البواعث على الإيمان والصوارف عن الكفر؟ هل يقدر الله على منح الأولى ومنع الثانية؟ ولماذا يتناهى اللطف عند حد والله مقدوراته لا نهاية لها؟ وأين يكون اللطف في حالة الإحباط والخذلان؟ ولماذا لا يكون لطف للكافر كي يؤمن كما أن للمؤمن لطفا كي لا يكفر؟ إن الله أقرب إلى الخير فكيف لا يصدر عنه إلا الخير؟ ولماذا يمنع الكافر من الكفر ويقربه إلى الإيمان والطاعة؟ كيف يريد الله كفر الكافر ويمنع عنه لطفه؟ إن من يجوز اللطف لا بد أن يجوز الإضرار في حالة عدم وقوع اللطف. وفي هذه الحالة كيف يضر الله وهو الخير المطلق؟ وإذا ما حصل الإنسان على اللطف، فما المانع ألا يحصل على المزيد، يؤدي اللطف إلى لطف أكبر إلى ما لا نهاية؟ وإذا كان اللطف عاما لا يخص فردا دون فرد، فكيف يقع لفرد دون آخر؟ وما مقياس الاختيار؟ أين تكافؤ الفرص؟ إن الصعوبة في اللطف هي تبرير خصوصية فرد دون آخر. وإذا كان موجودا منذ البداية فلماذا مضاعفته للمطيع وعدم مضاعفته للعاصي؟ وإذا كان مقياس الاختيار هو الطاعة فالبداية للإنسان وبالتالي يكون فعل الإنسان هو الشارط واللطف هو المشروط، ويكون اللطف حينئذ هو القوة غير المتوقعة المتولدة أثناء الفعل من طبيعة الفعل ذاته. صحيح أن اللطف عام ولكن قد يكون اللطف لفرد مفسدة لآخر وهو ضد العدل.

ويبقى سؤال: متى يظهر اللطف ومتى يختفي؟ ولماذا لا يظهر اللطف عند صاحب الآلام والمشاق؟ ولماذا يمتنع عن البائس والفقير والمظلوم والمحروم كما يمتنع الأصلح؟ أين اللطف في الدنيا بالمفسدين في الأرض وبالمحرومين من عدالة السماء؟ بل وأين ألطاف البشر بالبشر والحكام بالمحكومين؟ ألا يؤدي القول باللطف كما يؤدي القول بالأصلح إلى جعل هذا العالم أفضل العوالم الممكنة، ويجعل الإنسان لو علم المقدر لاختار الواقع لأنه لطف فيه، وكما هو معروف في القول المأثور: «اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه». ألا يؤدي القول باللطف إلى قبول كل الأحزان والمصائب وقبول الإنسان وضعه الاجتماعي المزري تفاديا لوضع اجتماعي أكثر إزراء! وحينئذ لا يملك الإنسان إلا الدعاء: «يا خفي الألطاف، نجنا مما نخاف.»

16

إن ذلك كله تجديف على الله وإقحام الإنسان نفسه فيما لا يعنيه وإسقاط عجزه أو قوته على إرادات مشخصة خارجة يجد فيها تعويضا أو عونا؟ إن اللطف لا يتعدى في أصل الوحي العلم كخبرة وهو اللطف النظري أو اللطف بالبشر وبالكون أي الرعاية والعناية والحفاظ على الفعل والجهد. ولكن اللطف أيضا للإنسان، لطف الإنسان بالإنسان كعلاقة اجتماعية وليس فقط كعلاقة بين الله والإنسان.

17 (2) ما هي الألطاف؟

Bog aan la aqoon