Laga bilaabo Caqiidada ilaa Kacdoonka (3): Caddaaladda
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Noocyada
3
وليس السؤال عن صفات الأفعال هل هي خارجية من الأحكام أم داخلية في تكوين الأفعال سؤالا عن الحسن والقبح عامة بل الحسن والقبح في الأفعال الشرعية. وهذا هو الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة، بين الاختيارين السابقين. ولا ينكر أحد إمكان معرفة الحسن والقبح في الأفعال عامة وإلا كان إنكارا للإنسان ذاته وعقله البديهي ونوره الفطري. الفعل الحسن أو القبيح ليس فعلا مطلقا، ولا هو فعل من جنس مطلق، بل هو فعل يجمع بين الخاص والعام. هو فعل خاص لأنه موجود جزئي وليس عاما لأن الصفات تختلف حسب الصفات الجزئية. هو فعل عام لأن الأفعال الخاصة تجعلها صفات عامة هي صفات الحسن والقبح؛ فالفعل لا يحسن أو يقبح لجنسه فقط ولا لعينه فقط، بل لأنه فعل خاص وعام. ليس الحسن والقبح معاني مجردة يدركها الإنسان لا في مكان ولا في زمان، وليسا أفعالا ضرورية جزئية خالصة ولا يشاركان أفعالا أخرى في زمان آخر ومكان آخر. الصفات العامة حالة في الأفعال الفردية. الحسن لذاته والقبح لذاته حامل للعام في الخاص وللشامل في الجزئي، وللمعنى في الفعل، وللصفة في الشيء. تشترك أعمال الظلم الفردية في الظلم كمعنى أو كصفة، وكذلك تشترك أفعال العدل كصفة أو معنى. وبالتالي يمكن إدراك الأفعال الحسنة والقبيحة تحت أجناسها وهي ليست كالأفعال الشرعية الخالصة التي هي أفعال خاصة طبقا لقدرات الفرد وأحواله.
4 (1) هل يمكن إنكار صفات الأفعال؟
إن إنكار صفات الأفعال من طبيعة الأفعال هو إلحاق لها بأحكامها، أي بإرادة خارجية هي إرادة الحاكم. فإذا تغيرت الإرادة تغيرت الصفة. الفعل الحسن هو مستحق المدح والفعل القبيح هو مستحق الذم، فالأفعال تعرف بأحكامها وليس بصفاتها.
5
ومعظم الأدلة التي يقوم عليها هذا الرأي ضعيفة. فلا يعني وقوع الأفعال اضطرارا أنها لا صفات لها من حسن أو قبح لأنها تصف الأفعال الاختيارية وليس الأفعال الاضطرارية، سواء كان هذا الاضطرار بدنيا أو اجتماعيا؛ فحرية الأفعال شرط اتصافها بالحسن والقبح، وإن تفاوت الصفات في الأفعال بين الخفة والثقل لا ينفي الصفات بل يثبت ارتباطهما بالأفعال وبالقدرة عليها وفي دخولها فيما يطاق. كما أن تغير الفعل من حسن إلى قبيح مثل القتل قد يكون ظلما في حالة الاعتداء وعدلا في حالة الدفاع عن النفس، لا يعني إنكار الحسن والقبح الذاتيين، بل يعني أن الأفعال تتم في موقف، وأن الصفة تكون في موقف، وأن الأفعال تتحدد في موقف. لا يعني تغيير الأفعال إنكار الصفات الذاتية، بل تغير الظروف والقاعدة باقية. كما أن اختلاف الأفعال بين النية الأولى والإرادة المسبقة وبين الأفعال بعد تحققها لا يرجع إلى نفي الصفات، بل إلى المسافة بين النية والفعل، بين القصد والمتحقق. فالأولى أكثر رحابة وإمكانية واتساعا من الثانية. النية تحتوي على عدة احتمالات، في حين أن التحقق لا يكون إلا احتمالا واحدا. كما أن اختلاف الحكم عن الواقع لا يعني نفي الصفات، بل يعني فقط الصدق أو الكذب المنطقي بالمعنى التقليدي، أي اتفاق الفكر مع الواقع أو المفهوم مع الماصدق. وقد يعني الصدق والكذب في الخبر ككل وليس في كل حرف أو في كل كلمة، والصدق في الخبر مثل الصدق في المنطق يقوم أيضا على التطابق بين الخبر في القضية وبين الواقعة كحادثة. ولا يتطلب وجود المعنى أن يكون قائما بمعنى، وهذا بثالث مما يلزم قيام المعنى بالمعنى إلى ما لا نهاية، فذاك جدل يقوم على التسلسل الطولي واستحالته نظرا لضرورة وجود ما لا أول له، وما لا آخر له، وهو فكر ديني لاهوتي مقلوب وليس حجة عقلية وفكرا منطقيا يقوم على بنية العقل ومنطق الفكر المستقل الدائري الذي لا يعتمد إلا على ذاته، منطق خالص لا يحتاج إلى وجود.
6
والحقيقة أن إنكار الصفات الموضوعية للأفعال يؤدي إلى هدم العقل والشرع وإنكار حرية الأفعال. فإذا نهى الله عن العدل والإنصاف فإنه يكون قبيحا، وإذا أمر بالظلم فإنه يكون حسنا يكون هذا قلبا للحقائق، وهدما للعقل وللمعرفة الإنسانية. إن إنكار موضوعية القيم وإلحاقها بإرادة مشخصة وقوع في النسبية الإنسانية المطلقة التي يدينها الوحي والتي تؤدي إلى إنكار القيم واستقلال القوانين وثبوتها، ويؤدي الأمر كله إلى تحكم الله في عالم نسبي، يكون هو المسئول عن نسبيته، بتبعية العالم لإرادته. كما أن اعتبار الوجود خاليا من القيمة لهو فضل للقيمة عن الوجود واعتبار الوجود ماديا صرفا والقيمة من خارجه.
7
ويظل عقل الإنسان قاصرا في حاجة إلى وحي ليخبره عن الحسن والقبح دون ما اعتماد على العقل. ولما كان العقل أساس الشرع بطلت الشرائع. كما لا يكون الله حكيما عاقلا، بل يخضع لمجرد إرادة هوائية انفعالية صرفة وهو ما يعني العبث. بل ويلزم اتصاله بالجهل لما كان الجهل ليس قبيحا في ذاته، مع أن وصفنا له بصفات الكمال إنما لأن العلم والقدرة صفات حسنة في ذاتها.
Bog aan la aqoon