Furaha Farxadda
مفتاح السعادة
Noocyada
الأصل الأول: أن هذه التصرفات يجب حصولها وانتفاؤها بحسب دواعينا وصوارفنا، ودليله أن أحدنا إذا دعاه الداعي إلى القيام حصل منه القيام على طريقة واحدة، ووتيرة مستمرة بحيث لا يختلف الحال فيه، وكذلك لو دعاه الداعي إلى الأكل بأن يكون جائعا وبين يديه ما يشتهيه، وهذا يدل دلالة واضحة على أنها موقوفة على دواعينا وتقع بحسبها، وكما تقف على دواعينا تقف على قصودنا أيضا، وعلى آلاتنا، والأسباب الواقعة من جهتنا، ألا ترى أن قولنا محمد رسول الله لا ينصرف إلى محمد بن عبد الله دون غيره من المحمدين إلا بإرادتنا، والكتابة الحسنة تقف على كمال الآلة من الأقلام وغيرها، والألم يقع بحسب الضرب يقل بقلته، ويكثر بكثرته، فصح حاجة هذه التصرفات إلينا، وتعلقها بنا على الحد الذي ادعيناه، وقد قال الإمام (المهدي) عليه السلام : إن العلم بوقوع أفعالنا بحسب دواعينا وصوارفنا ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال، وإنما الذي يحتاج إلى الدليل هو معرفة أنا الموجدون لها، قالوا: فعل الملجأ يقع بحسب قصد الملجيء وداعيه، ثم لا يدل عندكم على أنه فعله، وسير الدابة تابع لقصد الراكب، ونعيم أهل الجنة تابع لاختيارهم، واللون الحادث عند الضرب يقل بقلته ويكثر بكثرته، وبياض القبيطا يقع بحسب الضرب من جهتنا، وليس البياض فعلنا، وسواد الحبر يقف على أحوال خلط الزاج بالعفص، والحرارة الحادثة عند حك إحدى الراحتين بالأخرى يقل بقلته ويكثر بكثرته، ولا يدل شيء من ذلك على أنه واقع من جهتنا ومتعلق بنا، فكذا في مسألتنا.
والجواب: أما فعل الملجأ فهو واقع بحسب قصده وداعيه، لكن وافق ذلك قصد الملجئ وداعيه، وكذلك الكلام في الدابة، ولذا لو أراد بها الإقدام على السبع أو الحية لأبت ذلك، وأما نعيم أهل الجنة فليس بحسب قصودهم ودواعيهم، ولهذا لو دعا أحدهم الداعي إلى أن يبلغ درجة الأنبياء لما حصل له ذلك، فصح أنه واقع بحسب إرادة الباري تعالى.
Bogga 186