164

وعن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يقول الله عز وجل ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السموات وأسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه ، وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السموات والأرض رزقه، فإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن استغفرني غفرت له)).

وقال علي عليه السلام في وصيته لولده (الحسن): (وألجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز).

وروي أن في بعض الكتب الإلهية أن الله تعالى يقول: ((وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولألبسنه ثوب المذلة عند الناس، ولأخيبنه من قربي، ولأبعدنه من وصلي، ولأجعلنه متفكرا حيران يؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم، ويرجو غيري، ويطرق بالفكر أبواب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن دعاني)).

وقال (القاسم بن إبراهيم) عليه السلام : (استعصم الله بعصمته التي لا تهتد، واسترشده إلى السبيل الذي ينجو به من الردى من هلك، واستوهبه التوفيق لهدايته، والحظ الوافر من طاعته، وارغب إليه في إلهام حكمته واجتناب معصيته).

واعلم أنه ليس المطلوب بالاستعاذة منع الشيطان من عمل الوسوسة بالقهر والإلجاء كما يفيده كلام الرازي في هذا الموضع؛ لأن ذلك ينافي التكليف، ولا منعه بالأمر والنهي لأنه قد فعله، وإذا كان قد فعله فلا فائدة في طلبه، بل المطلوب بها فعل الألطاف التي يكون المكلف معها أقرب إلى فعل الحسن وترك القبيح، والمقصود اللطف الذي يكون المكلف معه أقرب إلى مخالفة الشيطان من إرشاد إلى ذكر، أو تنبيه على دليل، أو نحو ذلك من الأعمال والأقوال التي نعتصم بسببها من شر الشيطان، وفعل اللطف لا يمنع اختيار العبد للمعصية أيضا كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله.

Bogga 164