الفصل الثالث: في بيان المطلوب حقيقة هو في الكتاب والسنة دون غيرهما من الأشياء والطرق
اعلم أن الله سبحانه وتعالى أكمل هذا الدين ولم يجعله معوزا فيتمم من غيره كما يعمله أهل هذا الزمان، يجعلون الكتاب والسنة علما ظاهرا يستعملونه في ظواهر العبادات والمعاملات والعادات.
فإذا طلبوا معرفة الله والنفوذ إليه والوصول إلى الحقائق والأسرار الإلهية: صرفوا وجوههم عن الكتاب والسنة، وطلبوا ذلك من علوم الصوفية والفقراء؛ ومن الرياضة والتجوع والعزلة والانفراد؛ أو من قطع الأسباب والتجرد عما لا بد منه، فيفتح لهم أمر مجمل لا تفصيل فيه - كما ذكر أولا -.
فمن جعل علم الصوفية قبلة قلبه: أعطته حالا مجملا لا تفصيل فيه، ومن جعلها طريقا إلى أن يستنبط بها من الكتاب والسنة الحقائق التي أشارت علوم الطائفة إليها : فقد وفق وهدي إلى طريق مستقيم.
وإنما الطريقة الكاملة الجامعة المستقيمة التي لا زيغ فيها ولا انحراف : أن تطلب معرفة الله من حيث تعرف إلينا من أسمائه العلية؛ وصفاته الجلالية والجمالية؛ التي نطق الكتاب العزيز بها، ونص
Bogga 53