(أما بعد) هذه كلمة استعملتها العرب للإيذان بإرادة الأخذ في كلام غير ما سبق، فإن أهم التكليف علم العقائد، وذلك لا .... سائر التكاليف عليه، ولكون المطلوب فيه اليقين والحق فيه مع واحد ومخالفه مخطئ آثم، وقد ينتهي إلى الكفر. (وإن الظفر بالحق فيه أجل الفوائد) أي من أعظمها وأشرفها، ولو قال: وإن الظفر بالحق فيه أجل الفوائد لكان أحسن ذاته قد كثرت فيه الآراء، الضمير عائد إلى علم العقائد وإن جعل ضمير الشأن فحسن، والآراء جمع رأي، قدم في الجمع العين على الفاء من قبيل القلب كما في آرام جمع رمم، والمراد بالآراء هنا المذاهب، وأما في عرف أهل أصول الفقه فقيل: الرأي بمعنى اجتهاد، وقيل: بمعنى القياس. (وأتبعت فيه الأهواء) جمع هوى مقصور وهو هوى النفس وكل هوى في القرآن فهو مذموم، وأما الهواء ممدود فهو اسم لما بين السماء والأرض والجمع أهوية. (وعدل أكثر الناس فيه عن التحقيق) أي مالوا وجاروا وسلكوا ..... الطريق عبارة عن ترك المذهب الواضح الراجح الشهير اللائح والتمسك بغيره مما لا وجه له يوضحه، ولا دليل عليه يرجحه كما يترك السالك سلوك المحجة الواضحة الكثيرة الإستعمال ويسلك ييها يمينا أو شمالا في طرق خفية تكاد يسير فيها من دفع عن الطريق الواضحة أو مال عنها سهوا فمن سوفسطاي نجد المشاهدات. هذا شروع في تفصيل أكثر الناس العادلين عن التحقيق السالكين لبنيات الطريق وقدم السوفسطانية وهم فرقة من فرق التجاهلية؛ لإنكارهم الضرورة ولا ضلال أعظم من ذلك والتجاهلية كل من أنكر الضرورة وهم ثلاث فرق:
Bogga 9