Micraajka Ila Kashf Asraarta Minhaajka
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Noocyada
هذا هو الكلام على المقدمة الأولى، قوله: وما يتصل بذلك، يعني من الكلام في الحد والرسم وأحكام العلم وبيان أن العلم من قبيل الإعتقاد وبيان ما يعرف به كون الإعتقاد علما وبيان ما يعرف به سكون النفس وغير ذلك كما سيجيء. قوله: والفقه الذين يجري في كتب أصحابنا أن الفقه فهم معنى الخطاب الذي يدخله بعض غموض فتارة يقولون لغة وتارة يقولون عرفا، قالوا: ولهذا الإنفعال فقهت أن السماء فوقي، ولا يقال للعم بمعنى قول من قال أن السماء فوقه فقه، قال السيد الإمام: والأصل أن الفقة عبارة عن فهم عرض المتكلم وقد اشار ابن مثوبة إلى ذلك، وذكر أيضا أن الفهم علم بمعاني الكلام، وقد صار الفقه في الإصطلاح عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية العملية المستدل على أعنانها بحيث لا يعلم ضرورة لكل أحد، ولهذا الحد يفصل موضوعه علم الأصول ومن أسماء العلم ذكاء وفطنة وتحقق ونفس وطلب ودرية، ودراية وإنما لم يذكرها المصنف لأن هذه الأسماء تقيد مع معنى العلم معاني أخر، قوله بدليل أنه لا يصح إثبات بعضها ونفي البعض إشارة إلى حجة الجمهور على أنها أسماء مترادفة وذهب المنطقيون وبعض المتكلمين إلى أنها غير مترادفة؛ لأنه لا يرادف إلا مع اتحاد المعنى من كل وجه بغير زيادة ولا نقض، وليس هذا حال هذه الألفاظ، فإن الفقه معناه العلم بالحلال والحرام والفهم معناه سرعة العلم، والفطنة العلم بالأمور الغامضة وعلى هذا فقس، والأقوى والله أعلم، ما ينسب إلى الجويني من كونهما في الأصل مترادفة في العرف، صارت لها معان مختلفة فيها اختلاف قوله، وفي الإصطلاح هو الإعتقاد، هذا جنس الحد؛ لأنه يدخل فيه سائر الإعتقادات من علم وجهل وتقليد وتنحيب، وهذا تحديد على غير رأي أبي الهذيل؛ لأنه لا يجعل العمل إعتقادا ولا يلزم التحديد بما تشمل المذاهب بل التحديد على ما صح من المذهب وظاهر كلام ابن مثوبة المنع من تحديد العلم بالإعتقاد، قال؛ لأن الإنابة لا تقع به؛ لأن التساوي يقع بين العلم وبين غيره في كونه اعتقادا وهو ضعف؛ لأن الحد م نحقه أن يكون مركبا من جنس ووصل وقد حده بما هو أبعد من ذلك وهو المعنى الذي يقتضي سكون النفس، ومثل كلام ابن مثوبة. ذكر السيد الإمام فقال: الشارحون هل يريد أنه يبين بيانا كاملا فمسلم لكن لا يجب عند اهل صياغة الحدود بيان كمال المعنى المحدود بأول لفظه من الحد أو يريد لا يبين بالإعتقاد بعض بيان فليس كذلك بل قد بان بذلك عن جميع سائر أجناس المقدورات. قوله: وقلنا على ما هو به الذي ذكر في لفظ الجد على ما يتناوله قال صاحب العناصة وهو اولى من أن يقال على ما هو به؛ لأن المعتقد على ما هو به، سواء كان الإعتقاد علما أو جهلا. قوله: وقلنا مع سكون النفس لتخرج التقليد والتنحيب يعني فإنهما إذا طابقا فسون النفس لا يحصل معهما على الصحيح؛ لأن سكون النفس خاصة العلم وذهب الشيخ أبو القاسم إلى أن التقليد إذا طابق الحق فهو علم. قوله: اعتقاد الشيء لمجرد أن الغير قال به. اعلم أن التقليد له حدود كثيرة، وقد قيل فيه قبول قول الغير من غير حجة ولا شبهة رائدة على حال من قلده بقوله من غير حجة احتراز من قبولنا لما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه للحجة وهي المعجزة. وقوله: ولا شبهة احتراز من اتباع المخالفين لقادتهم، فإنهم اتبعوهم لشبههم التي حرزوها فلا يعد تقليدا وقوله زائدة على حال من قلده ليدخل في التقليد اعتقاد من يتبع غيره لما يعتقده فيه من المعرفة والعفاف والفضل والمعنى مقارب. قوله: في حقيقة التنحيب هجوما وخبطا لا لأمر يعني لا لحجة ولا شبهة ولا لأن الغير قال به فيخرج سائر الإعتقادات، مثاله اعتقاد أن جبريل في السماء السابعة لا لأمر ونحو ذلك قوله، وأردنا بالمعتقد ما كان شيئا إلى آخره، اعلم أن المعتقد هو متعلق الإعتقاد ولا يكون متعلقا للإعتقاد إلا ما أمكنت الإشارة غليه بعدم أو وجود، فإذا كان كذلك فهو معتقد ومعلوم أن أوجب إعتقاده سكون النفس وما لم يمكن الإشارة غليه بعدم أو وجود فليس بمعتقد ولا معلق، والإعتقاد المتناول له غير متعلق، مثال ما لا متعلق به من العلوم العلم بأن لا ثاني للقديم، فإن هذا علم غير متعلق ولا معلوم له، وقد منعت الحشيدية من أن يؤخذ علم غير متعلق ولا معلوم له، وهو الذي يظهر من كلام أبي القاسم، قالت الأحشيدية: والعلم بأن لا ثاني علم بعدم معدوم، والمنع من وجود علم لا معلق له هو الذي يجري في كلام الإمام يحيى، ودليلهم على أن في العلوم ما لا متعلق له أن متعلق العلم بألا ثاني لا يخلوا ما أن يكون أمرا موجوا ولا معدوما محال أن يكون موجودا؛ لأنه لا وجود للثاني وهو متعلق به على النفي وليس متعلقا بالله كما أشار إليه أبو علي في بعض أقواله؛ لأنا نعلمه على سائر أوصافه ولا نعلم هل له ثان أولا وليس له بكونه واحدا حال فيقال: يتعلق به هذا العلم على هذه الصفة، ومحال أن يتعلق بأمر معدوم، وإلا كان يصح وجوده على بعض الوجوه فلم يبق إلا أنه لا متعلق له ولا معلوم. قوله ولفظ الإعتقاد والسكون محاز. المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة والذين وضع له الإعتقاد والسكون ما ذكره من عقد الخبط والسكون المقابل للحركة والعلاقة أن المعتقد كأنه عقد قلبه على ما اعتقده، والساكن النفس كأن قلبه سكن إلى ما اعتقده فلم يتحرك إلى غيره. قوله: لكن إضافته إلى النفس قرينة يعشر بالمراد يعني فلا يقال لم حد بالمجاز مع أنه نقض في الحد؛ لأنا نقول: إنما يكون نقضا إذا لم يقترن بقرينة موضحة للمراد منه، فأما إذا اقتربت به قرينة صار كالحقيقة بل حقيقة عند بعضهم. قوله: في اعتراض خد أبي الحسين فغير صحيح أي فهذه الدعوى غير صحيحة؛ لأن أحدنا قد يكون عالما بشيء ثم يختار الجهل به لشبهة تدعوه إلى ذلك، كما كان في حق ابن الراوندي وغيره، فضلا عن التجويز فإن أحدنا قد تجوز خلاف ما علمه قطعا وفيه نظر. قوله: في المسائل الإستدلالية يحترز عن الضرورية، فإنه لا يجوز أن يختار الجهل بدلا عن الضروري ولا يجوز خلافه. قوله: وإن أراد يمتنع أحدنا من التجويز أي لا يفعله مع القدرة عليه فغير صحيح أي فالحد غير صحيح؛ لأنه يدخل في العلم ما ليس منه وهو اعتقاد جهل بمعتقد اعتقد أن اعتقاده علم، وأنه صحيح، فإن مع اعتقاده هذا في اعتقاده يمتنع من تجويز خلافه مع أنه غير علم. قوله: حتى يتميز به الظهور الحقيقي وغير الحقيقي أما غير الحقيقي فهو هذا المعنى الذي استعمله فيه أبو الحسين، وأما الحقيقي فالظهور مصدر ظهر الشيء ظهورا، أي تبين وظهرت على الرجل ظهورا غلبته وظهرت على البنت ظهورا أي علوته، ذكره الجوهري والأغلب في الظهور لغة أنه الوضوح وأنه يختص المتخيرات.
واعلم أن الإختلاف قد كثر في حد العلم، فمنهم من حده بأنه إثبات الشيء على ما هو به، وهو يبطل بالتقليد، وبان في العلوم ما لا معلوم له، والذي ذكر هذا الحد الشيخ أبو القاسم لمخالفته في هذين الأصلين، وقالت الصفاتية: العلم ما يوجب كون العلم عالما، وقالت الأوائل: بل إدراك النفس للحق وغير ذلك، ولكها واضحة البطلان، وقد قال الإمام يحيى في التمهيد إنما اختلف الناس في حد العلم لبلوغه في الوضوح إلى حد لا يمكن معرفته وبيانه من وجهين:
أحدهما أنا نعلم وجود أنفسنا بالبديهة ومن علم شيئا بالبديهية أمكنه أن يعلم كونه عالما به بالبديهية، والعلم بكونه عالما بذلك الشيء مسبوق بالعلم بحقيقة العلم، فإذا العلم بحقيقة العلم سابق على علمنا البديهي، والسابق على البديهي أولى بأن يكون بديهيان فإذا العلم بحقيقة العلم بديهي.
وثانيهما أن ما عدا العلم إنما تكتشف حقيقته بواسطة العلم فما يكون كاسفا لما عداه كيف لا يكون حقيقية منكشفة بنفسها. انتهى كلامه عليه السلام.
Bogga 49