المسألة الثالثة: هي مكافأتهم ومجازاتهم في الدنيا والآخرة، يقول الإمام الرازي: "إن فيه معنى لطيفًا هو أن الله تعالى قال قبل هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ﴾ (^١)، فجعل طاعة الله والرسول ﷺ علامة لإدخال الله الجنة بتلك الآية، وفي هذه الآية بيَّن أن طاعة الله والرسول وجدت من أهل بيعة الرضوان، أما طاعة الله فالإشارة إليها بقول: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وأما طاعة الرسول فبقوله: ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾. بقي الموعودية وهو إدخال الجنة، أشار إليه بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ لأن الرضا يكون معه إدخال الجنة، كما قال تعالى: ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ﵃﴾ (^٢) " (^٣).
أما ثوابهم في الدنيا فقوله: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾، فعن قتادة أنه عوضهم في العاجل مما رجوا الظفر به من غنائم أهل مكة بقتالهم أهلها وفتحًا قريبًا، وذلك فيما قيل: "فتح خيبر معه مغانم كثيرة يأخذونها من أموال يهود خيبر" (^٤)، وقد ورد ذلك في حديث مجمع بن جارية الأنصاري ﵁ قال: "قسمت خيبر على أهل الحديبية" (^٥)، فجمع الله لهم الدنيا والآخرة.