فقال - الدارقطني -: يرويه يزيد بن خصيفة، عن ابن ثوبان، عن أبي هريرة، واختلف عن الدراوردي فرواه: عبدالله بن عبدالوهاب الحجبي ويعقوب الدورقي، عن الدراوردي متصلًا، وخالفهما سريج بن يونس وسعيد بن منصور، فروياه عن الدراوردي مرسلًا، لم يذكرا فيه أبا هريرة.
وكذلك رواه ابن عيينة والثوري، وابن جريج وإسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة مرسلًا، ورواه سيف بن محمد، عن الثوري متصلًا، والمرسل أصح (١).
قلتُ: والعلة التي أشار إليها الإمام الدارقطني هي كالمثال السابق علة الإرسال، فهذا على الرغم من أنَّ الإسناد ظاهره الصحة، إلا أنَّ الدارقطني رجح أنَّه معلول بالإرسال، وحجته في ذلك أنَّ الذين رووه مرسلًا أوثق ممن رواه متصلًا.
الجنس الثالث: أن يَكُون الحديث محفُوظًا عن صحابي، ويروى عن غيره، لاختلاف بلاد رُواته، كرواية المَدنيين عن الكُوفيين.
وأصل سبب هذه العلة الخطأ في رواية قومٍ ضُعِّفُوا في رواية قومٍ ليسوا من أهل بلادهم أو لقرائن أو أسباب تقتضي ضعف رواياتهم، مثل رواية إسماعيل بن عياش (٢)، وهو شامي، فإذا روى عن المدنيين أخطأ، وروايته عن أهل بلده صحيحة، وذلك لأسباب وقرائن ذكرها النُّقاد، وقد يكون العكس مثل رواية أهل البصرة عن معمر بن راشد (٣) وهو بصري الأصل ضعيفة، فإنَّهُ كان يخطأ بالبصرة، ولكن رواية أهل اليمن عنه صحيحة، وعلى هذا قد يروون
(١) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج١٠ / ص٦٥ - ٦٦)، سؤال رقم (١٨٧١).
(٢) إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي، أبو عتبة الحمصي (ت: ١٨١هـ)، أخرج له البخاري والأربعة، ثقة في الشاميين، ضعيف فيما عداهم، تهذيب التهذيب (ج١ / ص٢٨٠ - ٢٨٤).
(٣) وهو معمر بن راشد الأزدي الحداني مولاهم، أبو عروة بن أبي عمرو البصري، سكن اليمن شهد جنازة الحسن البصري (ت:١٥٤هـ)، وأخرج له الستة، ثقة ثبت فاضل، إلا أنَّ في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، تهذيب التهذيب (ج١٠ / ص٢١٨ - ٢٢٠).