Dhimashada oo Booqata Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Noocyada
ثم تقدم الرجال في مسيرهم حين لاحظوا فجأة أن حاجزا من الشجيرات المتشابكة أصبح أقل كثافة ولمحوا من خلاله فرجة ينيرها القمر على شكل حلقة بلون فضي ضعيف من أشجار البتولا. أكمل الرجال تقدمهم وقد تجددت طاقتهم متوغلين عبر الأشجار المتشابكة، فرحين بتحررهم من سجن الشجيرات المتشابكة والأغصان الغليظة الصلبة وعبورهم نحو الحرية والضوء. في تلك البقعة لم يكن هناك مظلة متدلية فوقهم من الأغصان وحول ضوء القمر الساقط على الجذوع الضعيفة ذلك المنظر إلى مشهد جميل أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة.
والآن كانت تلك الفرجة أمامهم. وحين كانوا يتقدمون ببطء، وشعور بالروعة يملؤهم وبين اثنين من الجذوع النحيلة، تصلب الرجال وكأنهم متجذرون في الأرض وقد عقد الرعب ألسنتهم. كانوا يقفون أمام لوحة من الموت ذات ألوان براقة مناقضة تماما للضوء الخافت حولها. لم ينبس أحدهم ببنت شفة. تقدم الرجال في بطء وكأنهم رجل واحد، وكانوا يرفعون مصابيحهم عاليا؛ فكانت أشعة ضوء المصابيح القوية التي تغطي على أشعة ضوء القمر الرقيقة تزيد من كثافة اللون الأحمر الساطع على سترة ضابط، وعلى الوجه الشنيع المغطى بالدم وعلى عينين جاحظتين تنظران إليهما.
كان الكابتن ديني راقدا على ظهره وعينه اليمنى ملطخة بالدم وعينه اليسرى مثبتة، بغير رؤية، على القمر البعيد. وكان ويكهام راكعا فوقه ويداه مخضبتان بالدماء ووجهه ملطخ به. كان صوت ويكهام مبحوحا وأجش، لكن كلماته كانت واضحة. «لقد مات! يا إلهي، لقد مات ديني! كان صديقي الوحيد وقد قتلته! قتلته! كانت غلطتي.»
وقبل أن يتمكنوا من الرد عليه مال على وجهه وراح ينتحب نحيبا شديدا مزق حلقه ثم انهار فوق جثة ديني حتى كاد الوجهان الداميان يلامسان بعضهما بعضا.
انحنى الكولونيل فوق ويكهام ثم اعتدل وقال: «إنه مخمور.»
قال دارسي: «وماذا عن ديني؟» «لقد مات. لا، من الأفضل ألا تمسه. أستطيع أن أكتشف الموت متى نظرت إليه. لنحمل الجثة على النقالة وسأساعدك في حملها. أنت الأقوى بيننا يا ألفيستون، فهل تستطيع أن تساعد ويكهام في العودة إلى العربة؟» «أعتقد ذلك يا سيدي. فهو ليس ثقيل الوزن.»
وفي صمت رفع الكولونيل جثة ديني على النقالة ذات النسيج الغليظ. ثم تحرك الكولونيل ليساعد ألفيستون في إنهاض ويكهام. كان ويكهام يترنح لكنه لم يقاوم. وقد لوثت أنفاسه - التي كانت تخرج في شكل شهقات - جو الفرجة برائحة الويسكي العفنة. كان ألفيستون أطول من ويكهام، وبمجرد أن تمكن من رفع ذراع ويكهام اليمنى ووضعها على كتفه كان قادرا على حمل جسده الخامل وجره مسافة بضع خطوات.
كان الكولونيل قد انكب على الأرض ثم استقام مرة أخرى. وكان يمسك مسدسا في يده. تشمم الكولونيل فوهة المسدس وقال: «هذا على الأرجح هو السلاح الذي أطلقت منه النار.» ثم أمسك هو ودارسي بدعائم النقالة ورفعاها في شيء من الصعوبة. ثم بدأ الموكب البائس طريق عودته الصعب إلى العربة، فكانت النقالة في المقدمة وألفيستون يسير خلفهم ببضع ياردات مثقلا بويكهام. كانت آثار مرورهم واضحة بما يكفي فلم يجدوا صعوبة في تتبعها لكن الرحلة كانت بطيئة ومضجرة . وكان دارسي يسير خلف الكولونيل والكآبة تغلف روحه، فتبادر إلى ذهنه الكثير من الأفكار المخيفة والمثيرة للقلق، فجعلت من المستحيل عليه أن يفكر تفكيرا منطقيا. لم يكن دارسي قد سمح لنفسه قبل ذلك أن يفكر في مدى قرب إليزابيث من وويكهام حين كانت بينهما صداقة في لونجبورن، لكن الآن كانت الشكوك التي تنم عن الغيرة تتزاحم في عقله، وقد اعترف بأنها غير مبررة وواهنة. وفي لحظة من الانزعاج كان يأمل لو أن جثة ويكهام هي ما يثقل كاهله، وقد روعته فكرة أنه كان يتمنى الموت لعدوه حتى ولو للحظة واحدة.
كان الارتياح باديا على برات حين رأى عودتهم، لكنه حين رأى النقالة بدأ يرتعد من الخوف ولما انتقلت رائحة الدماء إلى الخيل أصبحت خارجة عن السيطرة، ولم يتمكن برات من السيطرة على الجياد إلا بعد أن وجه إليه الكولونيل أمرا قاطعا. أنزل دارسي والكولونيل النقالة على الأرض وأخذا غطاء من العربة وغطيا به جثة ديني. كان ويكهام هادئا أثناء مسيرهم في الغابة، لكنه الآن أصبح عدوانيا، وشعر ألفيستون بالارتياح أكثر حين ساعده الكولونيل على إدخاله إلى العربة وجلس بجانبه. ثم أمسك الكولونيل ودارسي مرة أخرى بدعائم النقالة، وحملا حمولتهما على أكتافهما التي أصابها الألم. كان برات قد سيطر على الجياد أخيرا، وفي إعياء جسدي وذهني كبيرين بدأ دارسي والكولونيل مسيرهما الطويل الصامت خلف العربة عائدين إلى بيمبرلي.
الفصل الثالث
Bog aan la aqoon