Qaamuuska Masar Hore

Salim Hasan d. 1381 AH
99

Qaamuuska Masar Hore

موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

Noocyada

ومما يؤسف له أننا إلى الآن لم نعثر على تاريخ أو نقش معاصر له يدلنا على زمن نحته بالضبط، ولذلك يعده الأثريون لغزا من الألغاز في تاريخ مصر، ولكن إذا تأملنا فيما كان يحوطه به ملوك مصر من الاحترام والتقديس وخاصة من أوائل الأسرة الثامنة عشرة إلى آخر عهد الرومان، اتضح لنا أن هذا التمثال لا بد أن يكون معبودا من المعبودات المصرية القديمة، وإذا كانت الأشياء يحكم عليها بأشباهها، فلدينا في التاريخ المصري ما يثبت ذلك؛ إذ منذ الأسرة الخامسة نجد أن الملك كان يشبه بعد وفاته دائما بالإله «أتوم» الذي كان يعد أعظم الآلهة المصرية قوة وسلطانا، ولذلك مثل هذا الإله برأس إنسان أي القوة المفكرة، وجسم أسد أي القوة الجسمانية، هذا إلى أن الملك نفسه كان يمثل نفسه بهذه الكيفية، وقد بقي هذا التمثيل إلى أواخر العهد الروماني، ومن هنا جاء الالتباس بأن «خفرع» هو الذي صنع تمثال أبي الهول ليمثله نفسه وبخاصة لأنه بجوار معبده، وقد أثبت الكشف الحديث أنه صنع في عهد الملك «خفرع» وعلى صورته، ولكنه يمثل إله الشمس عند الغروب، وقد كان يطلق عليه للمصريون اسم «أتوم».

ولكن المصريين أنفسهم قد أخبرونا كتابة أن تمثال أبي الهول هو الإله «حور إم آخت» أي (حور في الأفق) «الملك المتوفى»، وقد ذكره المؤرخون الإغريق باسم «حرماخيس»، وليس أدل على ذلك من اللوحة التي كتبها «تحتمس الرابع» تعبدا لهذا الإله وسرد ما فعله لربه من الخدمات إجابة لطلبه عندما أظهر «حور إم آخت» رغبته في إزالة الرمال التي كانت متراكمة حوله، ولا يزال أثر هذا العمل الجليل الذي قام به «تحتمس الرابع» باقيا إلى الآن؛ إذ نجد أنه بعد أن أزال الرمال التي كانت متراكمة حوله، بنى من جهاته الأربع سورا من اللبن لا يزال جزء منه باقيا إلى الآن، وعلى مسافة نحو أربعين مترا غرب السور أقام سورا آخر لحماية السور الأول من إغارة الرمال، وقد جاء بعده ملوك من الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين بنوا مساكن للكهنة الذين كانوا يقومون بتأدية الفرائض الدينية لهذا الإله، وبخاصة عندما نعلم أن ملوك هذه الأسر كانوا قد اتخذوا البقعة التي حول أبي الهول مكانا للصيد والقنص لشهرتها بحيوانات الصيد، ولذلك كانوا يطلقون على هذه الجهة اسم «وادي الغزلان»، وقد عثر أخيرا على بيت وحمام ل «توت عنخ آمون» في هذه الجهة، ربما كان لراحة الملك عند خروجه للصيد، ولما جاء «رعمسيس الثاني» نقش اسمه على هذا البيت بعد أن طمس بطبقة من الجص نقوش «توت عنخ آمون»، ونجد كذلك أن جسم الحيوان قد رمم في أزمان مختلفة وبخاصة في عهد الأسرة الثامنة عشرة والأسرة العشرين، وفي عهد الإغريق والرومان، ومباني هذه العصور نراها واضحة في الترميمات التي أدخلت عليه وخاصة في جانبيه وذيله.

ومع كل هذا بقي الاعتقاد عند علماء الآثار سائدا بأن أبا الهول يمثل الملك «خفرع» إلى أن كشف حديثا عن معبد منفصل تمام الانفصال عن المعبد المجاور له، أي معبد «خفرع»، وموقعه في الجهة الشرقية من وجه أبي الهول، وهذا المعبد قد أقيم لعبادة هذا الإله، وقد نصبت فيه تماثيل للملك الذي أقامه، غير أنه لم يبق منها إلا قواعدها تدل عليها.

لكن الواقع أن هذا التمثال يمثل الشمس عند الغروب، وهي تعد أكبر المعبودات عند المصريين، وأن هذا المعبد الذي أنشئ أمامه أقيم خاصة لعبادته، ولا يمكن أن يكون قد أقيم لعبادة «خفرع»؛ إذ إنه قد أقام لنفسه معبدين أحدهما جنوب هذا المعبد وهو معبد الوادي، والآخر هو المعبد الجنائزي الواقع شرق هرمه مباشرة، ولا غرابة في إقامة تمثال أبي الهول في هذه الجهة؛ إذ كان على مقربة منه بلدة عين شمس التي كانت تعد أكبر مركز لعبادة الإله «أتوم» إله هذه الجهة المحلي، وكان يمثل فيها بشكل أسد رأسه رأس إنسان، وكان أمام معبده طريق تحفه تماثيل أبي الهول الذي يمثل الإله المحلي لهذه الجهة.

ومما يعزز إلاهية أبي الهول أن الأهلين في عصور مختلفة كانوا يصنعون تماثيل لهذا الإله ويعدونها تذكارا في الحفلات الدينية التي كانت تقام له، وقد عثر منذ بضع سنوات على أكثر من عشرين تمثالا له صغيرة الحجم في الرمال التي كانت تغطي معبده، وعلى تماثيل متوسطة الحجم أمام معبد «أمنحتب الثاني» الذي أقام فيه لوحته المشهورة.

والحقيقة إذن أن تمثال أبي الهول ليس بلغز وما هو إلا الإله «أتوم»، وإنما أخذ العالم على عاتقه أن يجعله لغزا إلى الأبد، وسيبقى كذلك ولو ظهرت كتابات تدل على أصله وكنهه.

أما العهد الذي نحت فيه أبو الهول فقد عرف على وجه التقريب؛ إذ دلت الكشوف الأخيرة على أنه نحت بعد إقامة الطريق الموصل بين المعبد الجنائزي ومعبد الوادي للملك «خفرع»؛ أي إن أبا الهول لا بد أن يكون قد نحت في عهد «خفرع» باني الهرم الثاني أو بعده، وهذا أول تاريخ ثابت في عمر أبي الهول.

وفي عام 1937 قامت مصلحة الآثار بحفائر لتنظيف المنطقة التي تقع حول أبي الهول والحفرة التي هو فيها، وقد أدت هذه الحفائر إلى كشف النقاب عن نيف ومائة وخمسين لوحة تذكارية وآثار أخرى وبعض مقابر في الجهة البحرية يرجع عهدها إلى الدولة القديمة، وأهم هذه اللوحات لوحة الملك «أمنحتب الثاني»، وقد نصبها داخل معبد خاص له تذكارا لزيارته لمنطقة الهرم وأبي الهول، وفيها ذكر أبا الهول بأنه هو الإله «حور أم آخت» وأنه الإله «أتوم» وتكلم عن الأهرام بأنها أهرام أبي الهول؛ أي إنه نسبها إلى هذا التمثال العظيم بصفته إلها. أما اللوحات الكثيرة التي كشف عنها هذا العام فقد استخلصنا منها معلومات جديدة تلقي بعض الضوء على هذا التمثال فيما يلي:

دلت البحوث التي حول هذا التمثال على أن ملوك الفراعنة منذ بداية الأسرة الثامنة عشرة حتى نهاية العهد الروماني كانوا يزورون هذا المكان المقدس، وكذلك كان يتقرب الأهلون إلى أبي الهول بتقديم القرابين، واللوحات التذكارية، كما كانوا يتقربون إلى الإله أوزير في «العرابة» المدفونة، فكانت هذه المنطقة تعد في نظر القوم والملوك أنها بقعة مقدسة، وقد كانوا يطلقون على معبد أبي الهول اسم «المكان المختار».

ولا شك في أن فراعنة مصر فضلا عن تقديسهم لأبي الهول، فإنهم كانوا يأتون إلى هذه المنطقة لصيد الغزلان والأسود، ولا غرابة في ذلك، فإن هذه المنطقة كان يطلق عليها اسم «وادي الغزلان»، وتدل اللوحات التي كشفت في هذا المكان على ما يثبت ذلك، فنجد أن من زار هذه البقعة حسب ما وصلت إليه معلوماتنا هو ابن «تحتمس الأول» ثم «تحتمس الثالث»، «وأمنحتب الثاني» صاحب اللوحة المشهورة التي كشف عنها حديثا، وهي التي يقول فيها إنه أتي بعربته من منف إلى مكان أبي الهول الذي بنيت من أجله الأهرام، ثم «تحتمس » الرابع الذي ذكر في لوحته أنه جاء في هذا المكان وهو أمير لم يتول الملك بعد، وأخذته سنة من النوم في ظل أبي الهول، وطلب إليه «حور إم آخت» (أبو الهول) أن يزيل عنه الرمال عندما يتولى عرش الملك، رغم أن «تحتمس الرابع» لم يكن الوارث الحقيقي للعرش، وقد بر بوعده. ثم جاء بعده «أمنحتب الثالث»، وقد رسم في لوحة فتيا، للصيد والقنص، وكذلك حضر «توت عنخ آمون» إلى هذا المكان المقدس، وأقام في الجهة القبلية منه مكانا للراحة باللبن، وشيد فيه حماما ليستحم فيه بعد الصيد والقنص. وقد كشف عن هذا المكان حديثا غير أن «رعمسيس الثاني» كعادته وضع طبقة من الجص فوق النقوش التي نقشها «توت عنخ آمون» على واجهة الاستراحة التي بناها في هذه الجهة، وكتب اسمه وألقابه، وقد وجدنا النقشين أحدهما فوق الآخر ورغم ذلك فإن «رعمسيس الثاني» أصلح ما أفسده الدهر من الأجزاء التي تآكلت من تمثال أبي الهول، وكذلك أتى إلى هذا المكان الملك «آي»، ثم الملك «حورن أم حب»، ثم «سيتي الأول»، وترك الأخير لنا لوحة عثر عليها في معبد «أمنحتب الثاني» المقامة في الجهة البحرية من أبي الهول، وفيها يذكر صيده للغزال والأسود، ثم أتى الفرعون «منفتاح»، وترك لنا نقوشا تدل على مقدار اهتمامه بأبي الهول، وهكذا تواترت زيارة الفراعنة والأباطرة لهذا المكان حتى عهد الإمبراطور «سبتميس سفرس» 193-211 بعد الميلاد.

Bog aan la aqoon