Qaamuuska Masar Hore

Salim Hasan d. 1381 AH
101

Qaamuuska Masar Hore

موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي

Noocyada

لما تولى «شبسكاف» عرش مصر بعد والده «منكاورع» لم يشيد لنفسه هرما مثل والده على هضبة الجيزة، بل رجع إلى مكان أجداده بالقرب من سقارة، وابتدع لنفسه مقبرة فريدة في بابها، وذلك أنه بنى لنفسه مصطبة ضخمة وبنى فوقها مصطبة أخرى على شكل تابوت. غير أنه جعل لهذه المقبرة كل الملحقات التي تتبع الهرم، وهذا البناء يعرف عند أهالي جهة دهشور باسم مصطبة فرعون.

وإذا اعتمدنا على النقوش القليلة التي كشفت وحكمنا بأن هذا البناء الغريب هو قبر «شبسكاف»، كان أمامنا سؤال لا بد من الإجابة عليه وهو: ما السبب الذي دعا «شبسكاف» إلى العدول عن السنة المتبعة في بناء القبور على شكل هرمي، وابتداع شكل غريب كهذا؟

والظاهر في تفسير ذلك أن الهرم قد بني ليكون مقبرة للملك، ولم يتخذ هذا الشكل اعتباطا، بل لأنه رمز لعبادة الشمس في بلدة عين شمس، وفي إقامة المقبرة على هيئة الهرم اعتراف بإلاهية الشمس وسلطانها العظيم، ووضع المتوفى تحت حمايتها ليصل إلى العالم الآخر، وإذا لاحظنا أنه منذ بداية حكم الملك الثالث من الأسرة الرابعة قد دخل في تركيب اسم الملك لفظة «رع» أي الشمس، ولاحظنا أنه في أوائل الأسرة الخامسة اعتبر ملوك هذه الأسرة أنفسهم أولاد «رع» مباشرة وخلفاءه على العرش. لعرفنا منزلة ذلك الإله في نفوسهم وتأثيره عليهم ولأدهشنا أن نرى ثلاثة ملوك لم نجد في تركيب أسمائهم لفظة «رع» كأسلافهم وهم «شبسكاف» و«خنتكاوس» و«وسركاف»، وفي ذلك ما يدل على أن هؤلاء الملوك قد تنحوا عن الانتساب إلى عقيدة عين شمس التي احتلت منزلا ممتازا في ذلك الوقت، وما يفسر لنا موقف شبسكاف من قبره، والعدول عن المألوف عند أسلافه في بنائه.

وقد كان هو أول من تخلى عن هذه العقيدة، وأظهرها في بناء قبره مقتنعا بفكرة أقل روحانية، وهي أن يخلد في القبر نفسه بدلا من السماء، وذلك بأن يبني لنفسه قبرا على شكل تابوت ضخم (وهو المكان الذي تأوي إليه «الكا» (أي الروح المادية)، وتجعل الجسم المادي مخلدا ما دامت تزوره)، ولا شك أن هذه الحركة كانت لا بد قائمة ضد كهنة عين شمس الذين كان سلطانهم يزداد كل يوم على سلطان الملك، كما حدث فيما بعد في عهد الأسرة الثامنة عشرة، وربما كان الواضع لهذه الفكرة هو «شبسكاف» نفسه حصنا له ضد كهنة عين شمس، وفي عهد هذا الملك كان «فتاح شبسس» الذي يعد من أهم الشخصيات التي عاشت في هذه الفترة، وقد ترك لحسن الحظ ترجمة حياته كما كتبها بنفسه، مما يلقي بعض الضوء على تاريخ هذا العصر من بعض النواحي، ولا غرابة في ذلك، فإنه كان أعظم المعمرين؛ بلغ من العمر أرذله، إذ أفنى في خلال حياته الطويلة ستة فراعنة، تقلب مدة حكمهم في وظائف عدة، ولا نبالغ إذا أطلقنا عليه عميد الموظفين، ولقد أحصى الوقت الذي خدم فيه هؤلاء الملوك، فوجد أنه يربو على الثمانين حولا، والظاهر أنه كان موظفا حكوميا بالمعنى الذي تتطلبه هذه المهنة في مصر؛ إذ كان لا يحسب للمبادئ أي حساب، بل كان بطبيعة الحال يميل عند تأدية عمله إلى ما يجر له المنفعة الشخصية أولا، ولا أدل على ذلك من أنه رغم رابطة الرحم التي كانت تربطه بالأسرة الرابعة فإنه لم يجد أي وازع يردعه عن الخدمة تحت لواء ملوك الأسرة الخامسة الذين ربما كانوا هم المغتصبين لعرش الملك منه؛ إذ كان متزوجا من كبرى بنات الملك «شبسسكاف» الذي لم يرزق وارثا ذكرا ليتولى الملك بعده، وقد كان في استطاعة «فتاح شبسس» في مثل هذه الأحوال أن يطالب بالعرش لنفسه، ولكنه كما يظهر لنا، كان رجلا حريصا عاقلا قنوعا، لم يزج بنفسه في مثل هذه المغامرة، ورضي أن يتقاضي مرتبا دسما تحت لواء أي ملك يقبض على ناصية الأمور، وتاريخ حياة «فتاح شبسس» استغرق عهد ستة ملوك من فراعنة الأسرة الخامسة خدمهم كلهم موظفا حكوميا مطيعا، ولكن لما كانت أول خطوة خطاها نحو الرقي في الوظائف جاءت في عهد الأسرة الرابعة فقد آثرنا أن نجعله يتكلم هنا بنفسه عن ترجمة حياته كما دونها على مقبرته، وبخاصة إذا علمنا أنه يعدد فيها لنا أسماء الملوك الذين جاءوا بعد «شبسكاف» ووظف في بلاطهم، فيقول مع ذكر اسمه في نهاية كل فقرة: ولد في عهد «منكاورع» الذي رباه مع أطفال الملك في الحريم الملكي»، وكان مقربا لدى الملك أكثر من أي ولد، «فتاح شبسس». (وكان لا يزال يلبس الحزام) في عهد الملك شبسكاف الذي رباه بين أولاد الملك في قصر الملك، وفي داخل الحريم الملكي، وكان مقربا لدى الملك أكثر من أي شاب، «فتاح شبسس». (وقد لقي حظوة عند جلالته) وزوجه جلالته من كبرى بناته «معات-خع»؛ لأن جلالته أراد أن يكون بصحبته أكثر من أي رجل آخر، «شبسس فتاح».

المقرب من «وسركاف»، كبير كهنة منف» المحترم من الملك أكثر من أي خادم، فكان ينزل في كل سفينة تابعة للبلاط، وكان يدخل بطريق القصر الجنوبي في كل أعياد التتويج، «فتاح شبسس».

التابع ل «سحورع» المبجل عند الملك أكثر من أي خادم، الذي كان يعمل أمين سر لكل الأعمال التي يريد إنجازها جلالته، وهو الذي كان يسلي قلب سيده كل يوم، «فتاح شبسس».

التابع للملك «نفر إر كا رع» والمبجل عند الملك أكثر من أي خادم، وعندما يثني عليه جلالته لأمر ما، كان جلالته يسمح له بأن يقبل قدمه، ولم يرض جلالته أن يقبل الأرض، «فتاح شبسس».

التابع للملك «نفرف رع» المبجل لدن الملك أكثر من أي خادم، وكان ينزل في السفينة المقدسة في كل أعياد التتويج، المحبوب من سيده، «فتاح شبسس».

المحبب لقلب سيده «نوسر رع» عاش أبديا في بلاطه، المحبوب من سيده والمحترم لدى الإله «فتاح»، وهو الذي يفعل ما يرغب إلهه، والذي يرتاح إليه كل فنان في عهد الملك، «فتاح شبسس».

ولا جدال في أن «فتاح شبسس» كان رجلا قد أسعده الحظ، إذا كان مقياس السعادة بالحظوة الملكية التي عاش يرتع في بحبوحتها، ويتقلب في أعطاف نعيمها طوال حياته في عهد كل هؤلاء الملوك دون أن يغضب عليه واحد من بينهم، إذا صدقنا ما رواه عن نفسه ، على أن أكبر فخر ناله في حياة أولئك الملوك ما حباه به الفرعون «نفر إر كا رع» الذي سمح له أن يقبل قدمه بدلا من أن يلثم التراب الذي تحت قدميه وهو ملقى على بطنه أرضا حسب التعبير المصري الصحيح.

Bog aan la aqoon