189

Mawsuucadda Akhlaaqda

موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق

Noocyada

قال: يا أستاذ لم أتعلم غيرها، وإني لا أحب أن أكذب.

فقال: هات هذه الثماني مسائل حتى أسمعها.

قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا هو مع محبوبه إلى القبر، فإذا وصل إلى القبر فارقه، فجعلت الحسنات محبوبي، فإذا دخلت القبر دخل محبوبي معي.

فقال: أحسنت يا حاتم فما الثانية؟

فقال: نظرت في قول الله عز وجل: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فإن الجنة هي المأوى (41)} [النازعات: 40 - 41] فعلمت أن قوله سبحانه تعالى هو الحق فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى.

الثالثة: أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه، ثم نظرت إلى قوله تعالى: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} [النحل: 96] فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته لله ليبقى عندي محفوظا.

الرابعة: أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال وإلى الحسب والشرف والنسب، فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قول الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما.

الخامسة: أني نظرت إلى هذا الخلق يطعن بعضهم في بعض ويلعن بعضهم بعضا وأصل هذا كله الحسد، ثم نظرت إلى قوله تعالى: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} [الزخرف: 32] فتركت الحسد واجتنبت الخلق وعلمت أن القسمة من عند الله سبحانه وتعالى فتركت عداوة الخلق عني.

السادسة: نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض ويقاتل بعضهم بعضا فرجعت إلى قوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} [فاطر: 6] فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذري منه لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو فتركت عداوة الخلق غيره.

Bogga 191