هذه ملاحظات وليست قواعد لأننا نعرف أن في العربية كثيرا من الكلم تبدأ بواو مكسورة فلا تحذف الواو ولا تبدل نحو وصال ووفاق. ولكننا نجد وجاه ووجاه قد تحولت الى تجاه وتجاه ، ووراث إلى تراث ، ووصاد إلى إصاد ، وغير هذا مما اشتملت عليه فرائد العربية.
وإبدال الواو «ياء» بسبب كسر ما قبله ، لا يقتصر على كون الواو فاء الكلمة ، فقد تبدل الواو ياء في المصادر للأفعال الجوف نحو : الصون مصدر «صان» ، ولكنك تقول الصيان والصيانة ، والقوم مصدر «قام» ، ولكنك تقول القيام والقيامة.
وقد تجد الاسم من هذه المصادر بالواو مع كسرة ما قبله نحو الصوان للشيء الذي يصان به ، ولك أن تقول الصوان بالضم ، كما تقول «القوام» بالكسر ، وقوام الأمر نظامه ونصابه وملاكه.
وتقول في المصادر على «فعلة» بالكسر غيلة من الفعل «غال يغول» كما تقول «طيلة» و «ميتة» وغير ذلك.
14 قال تعالى : ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم ) [الآية 187].
والمعنى : تظلمون أنفسكم وتنقصونها حظها من الخير. والاختيان من الخيانة ، كالاكتساب من الكسب فيه زيادة وشدة «الكشاف 1 : 230».
أقول : لقد تعقبت الفعل «اختان» ، وهو «افتعل» من «خان» ، فلم أحظ به في غير الآية الكريمة المشار إليها.
وليس لنا في العربية المعاصرة غير الفعل المجرد «خان». غير أن المزيد «اختان» جاء ليؤدي فائدة خاصة ، تنأى به عن معنى الفعل المجرد.
15 قال تعالى : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) [الآية 191].
قوله ( حيث ثقفتموهم ) في الآية يعني : حيث وجدتموهم في حل أو حرم. والثقف وجود على وجه الأخذ والغلبة. ومنه رجل ثقف ، أي سريع الأخذ لأقرانه ، قال :
فإما تثقفوني فاقتلوني
فمن أثقف فليس إلى خلود
أقول : وهذا المعنى في مادة «ثقف» لا نعرفه في العربية المعاصرة ، وذلك أن «الثقافة» بمعناها المعاصر غلبت على الكلمة ، حتى نسي الناس أن الأصل فيها للثقاف ، وهو الآلة التي
Bogga 104