فإن قيل : لم قال تعالى : ( الوصية للوالدين والأقربين ) [الآية 180] عطف الأقربين على الوالدين ، وهما أقرب الأقربين ، والعطف يقتضي المغايرة؟
قلنا : الوالدان ليسا من الأقربين ، لأن القريب من يدلي إلى غيره بواسطة ، كالأخ والعم ونحوهما ، والوالدان ليسا كذلك ، ولو كانا منهم لكان تخصيصهما بالذكر لشرفهما ، كقوله تعالى : ( وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) [الآية 98].
فإن قيل : لم قال تعالى : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) [الآية 183] وصوم هذه الأمة ، ليس كصوم أمة موسى وعيسى عليهما السلام ؟.
قلنا : التشبيه في أصل الصوم لا في كيفيته أو في كيفية الإفطار ، فإنه ، في أول الأمر كان الإفطار مباحا من غروب الشمس إلى وقت النوم فقط ، كما كان في صوم من قبلنا ، ثم نسخ بقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) [الآية 187] ، أو في العدد أيضا على ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : فرض على النصارى صوم رمضان بعينه ، فقدموا عشرة أو أخروا عشرة لئلا يقع في الصيف ، وجبروا التقديم والتأخير بزيادة عشرين ، فصار صومهم خمسين يوما ، بين الصيف والشتاء.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : ( وبينات من الهدى والفرقان ) [الآية 185] بعد قوله تعالى : ( هدى للناس ).
قلنا : ذكر سبحانه أولا أنه هدى ، ثم ذكر أنه بينات من الهدى : أي من جملة ما هدى الله به عبيده ، وفرق به بين الحق والباطل ، من الكتاب السماوية الهادية الفارقة بين الحق والباطل ، فلا تكرار.
فإن قيل : ما الحكمة في إعادة ذكر المريض والمسافر؟
قلنا : الحكمة فيه أن الآية المتقدمة نسخ مما فيها تخيير الصحيح ، وكان فيها تخيير المريض والمسافر أيضا. فأعيد ذكرهما لئلا يتوهم أن تخييرهما نسخ ، كما نسخ تخيير الصحيح.
فإن قيل : قوله تعالى : ( فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) [الآية 186] يدل على أنه يجيب دعاء الداعين ،
Bogga 269