254

Mawsuca Quraniyya

Noocyada

عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم ) [الآية 150]؟.

قلنا : معناه إلا أن يقولوا ظلما وباطلا ، كقول الرجل لصاحبه : مالك عندي حق ، إلا أن تظلم أو تقول الباطل ؛ وقيل معناه : والذين ظلموا منهم ، ف «إلا» هنا بمعنى واو العطف ، كما في قوله تعالى : ( إني لا يخاف لدي المرسلون (10) إلا من ظلم ) [النمل] وقيل : «إلا» فيهما بمعنى لكن. وحجتهم أنهم كانوا يقولون ، لما توجه النبي (ص) إلى بيت المقدس : ما درى محمد أين قبلته حتى هديناه ، وكانوا يقولون أيضا : يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا ، فلما حوله الله تعالى إلى الكعبة انقطعت هذه الحجة ؛ فعادوا يقولون : لم تركت قبلة بيت المقدس؟ إن كانت باطلة فقد صليت إليها زمانا ، وإن كانت حقا فقد انتقلت عنها ؛ فهذا هو المراد به بقوله تعالى : ( إلا الذين ظلموا منهم ) وقيل : المراد به قولهم : ما ترك محمد قبلتنا إلا ميلا لدين قومه وحبا لوطنه ، وقيل : المراد به قول المشركين : قد عاد محمد إلى قبلتنا لعلمه أن ديننا حق ، وسوف يعود إلى ديننا ، وإنما سمى الله باطلهم حجة لمشابهته الحجة في الصورة ، كما قال الله تعالى : ( حجتهم داحضة ) [الشورى : 16] أي باطلة ، وقال سبحانه : ( فرحوا بما عندهم من العلم ) [غافر : 83].

فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : ( ولا تكفرون ) بعد قوله سبحانه : ( واشكروا لي ) [الآية 152] والشكر نقيض الكفر ، فمتى وجد الشكر انتفى الكفر؟

قلنا : قوله تعالى : ( واشكروا لي ) معناه استعينوا بنعمتي على طاعتي ، وقوله سبحانه ( ولا تكفرون ) معناه لا تستعينوا بنعمتي على معصيتي. وقيل : الأول أمر بالشكر. والثاني أمر بالثبات عليه. فإن قيل : لم قال تعالى : ( والناس أجمعين ) (87) [آل عمران] وأهل دينه لا يلعنونه إذا مات على دينهم؟.

قلنا : المراد بالناس المؤمنون فقط ، أو هو على عمومه وأهل دينه يلعنونه في الاخرة ، قال الله تعالى : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ) [العنكبوت : 25] وقال سبحانه : ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) [الأعراف : 38].

Bogga 267