«إسماعيل» عليهما السلام، حيث أمر الله تعالى نبيه «إبراهيم» أن
يذهب بابنه «إسماعيل» إلى الوادى الذى نشأت فيه «مكة»؛ وأن
يسكنه فيه، فامتثل «إبراهيم» لأمر الله، وارتحل إلى ذلك الوادى
وكان قفرا (ليس به زرع أو ماء)، خاليا من السكان، وترك زوجه
«هاجر» وابنها الطفل «إسماعيل»، وفى هذا يقول الله تعالى على
لسان «إبراهيم» عليه السلام:
{ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم}.
[إبراهيم: 37].
وإكراما لإسماعيل فجر الله - تعالى - بئر «زمزم»، بعد أن يئست أمه
«هاجر» من وجود الماء، وهى تسعى باحثة عنه بين صخرتى
«الصفا» و «المروة»، وقد أصبح السعى بينهما ركنا من أركان الحج.
كان وجود الماء فى هذا المكان عجبا، فجذب القبائل التى كانت
تسكن بالقرب منه، وهى قبائل «جرهم» فجاءوا إلى «هاجر»،
وطلبوا منها السماح لهم بأن ينتفعوا بماء زمزم، فأذنت لهم ورحبت
بهم؛ ليؤنسوا وحدتها هى وابنها، وبدءوا يقيمون بيوتهم حول بئر
«زمزم»، ومن هنا كانت نشأة «مكة» المكرمة، وفيها عاشت
«هاجر» وابنها «إسماعيل» بين قبائل «جرهم»، ولما كبر تزوج
منهم، وأنجب أولاده الذين هم أجداد العرب المستعربة.
واتسعت «مكة» شيئا فشيئا، وزحف إليها العمران، وذاعت شهرتها
بين المدن، بعد أن أمر الله - تعالى- «إبراهيم» - عليه السلام - فى
إحدى زياراته لابنه «إسماعيل» ببناء «الكعبة المشرفة»، فأصبحت
«مكة» مكانا مقدسا، وزادها الله تشريفا بهذا البناء.
و «الكعبة» التى بناها نبى الله «إبراهيم» - عليه السلام - بناء مربع
الشكل تقريبا، يبلغ ارتفاعه نحو خمسة عشر مترا، وعرض جداريه
الشمالى والجنوبى نحو عشرة أمتار، والشرقى والغربى اثنا عشر
مترا.
ويقع باب «الكعبة» فى الجدار الشرقى، وفى الطرف الجنوبى منه
يقع «الحجر الأسود»، وهى منذ بنائها مثابة للناس وأمن، كما أخبر
بذلك الله - تعالى - فى القرآن الكريم، وظلت قبائل «جرهم» تقوم
Bogga 2