123

Mawrid Latafa

مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة

Baare

نبيل محمد عبد العزيز أحمد

Daabacaha

دار الكتب المصرية

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَكَانَ من خطْبَة الْمهْدي لما بلغه موت الْمَنْصُور قَالَ: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد دعِي فَأجَاب، وَأمر فأطاع وأعز. ثمَّ ذرفت عَيناهُ؛ فَقَالَ: قد بَكَى رَسُول الله -[ﷺ]- عِنْد فِرَاق الْأَحِبَّة، وَلَقَد فَارَقت عَظِيما، وقلدت جسيما؛ فَعِنْدَ الله أحتسب أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَبِه أستعين على خلَافَة الْمُسلمين. قيل: دخل رجل على الْمهْدي فَقبل يَده وَقَالَ: يدك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ [أَحَق بالتقبيل] لعلوها بالمكارم وطهارتها من المآثم، وَإنَّك ليوسفي الْعَفو، إسماعيلي الصدْق، شعيبي الرِّفْق، فَمن أرادك بِسوء جعله الله طريد خوفك حصيد سَيْفك. ثمَّ أثنى عَلَيْهِ بالشجاعة؛ فَقَالَ الْمهْدي: وَمَا لي لَا أكون شجاعا وَمَا خفت أحدا إِلَّا الله [تَعَالَى] . وَقَالَ دَاوُد بن رشيد: سَمِعت سَالم الْحَاجِب يَقُول: هَاجَتْ ريح سَوْدَاء؛ فخفنا أَن تكون السَّاعَة؛ فطلبت الْمهْدي [فِي الإيوان] فَلم أَجِدهُ، ثمَّ سَمِعت حَرَكَة [فِي] الْبَيْت، فَإِذا هُوَ ساجد على التُّرَاب يَقُول: (اللَّهُمَّ لَا تشمت بِنَا الْأَعْدَاء من الْأُمَم، وَلَا تفجع بِنَا نَبينَا)، اللَّهُمَّ وَإِن [كنت] أخذت الْعَامَّة بذنبي فَهَذِهِ ناصيتي بِيَدِك؛ فَمَا أتم كَلَامه حَتَّى انجلت.

1 / 125