فالأول: هو البدع وما والاها وهو فساد من جهة الشبهات، والثاني: فسق الأعمال وهو فساد من جهة الشهوات.
ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه. وكانوا يقولون: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل (^١).
ففتنة الشبهات تدفع بالعلم واليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر واليقين بوعد الله ووعيده، واستشعار عظمته سبحانه، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين فقال: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (^٢). فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
وجمع بينهما أيضا في قوله: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (^٣)