234

Mawarid al-Dhaman li-Durus al-Zaman

موارد الظمآن لدروس الزمان

Lambarka Daabacaadda

الثلاثون

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ

Noocyada

وَيُمَنِّيهِ وَيُنْسِيهِ وَيَجِلبْ عَلَيْهِ بَخَيْلِهِ وَرَجلِهِ حَتَّى يُهَوِّنَ عَلَيْهِ شَأَنَ الصَّلاةِ فَيَتَهَاوَنُ بِهَا فَيَتْرُكُهَا. فَإنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ مِنْهُ وَعَصَاهُ العَبْدُ وَقَامَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَقْبَل عَدُوُّ اللهِ حَتَّى يَخْطُر بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ فَيُذَكِّرَه فِي الصَّلاةِ مَا لَمْ يَذكُرْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا حَتَّى رُبَّمَا كَانَ قَدْ نَسِي الشَّيْءَ والحَاجَةَ وأَيِسَ مِنْهَا، فَيُذْكِرَهُ إِيَّاهَا في الصَّلاةِ لِيَشْغَلَ قَلْبَهُ بِهَا، وَيَأْخُذَه عَن اللهِ ﷿، فَيَقُومُ فِيهَا بلا قَلْب فلا يَنَالُ مِنَ إقْبالِ اللهِ تعالَى عَلَيْهِ وَكَرَامَتِهِ وَقُربِهِ مَا يَنَالُهُ الْمقبلُ عَلَى رَبِّهِ ﷿ الحاضِرُ القَلْب في صَلاتِهِ فَيَنْصِرفُ مِنْ صَلاتِهِ مِثلَ مَا دَخَلَ فِيهَا بِخَطَايَاهُ وَذُنُوبِهِ وأثْقَالِهِ لَمْ تَخُفَّ عَنْهُ بالصَّلاةِ.
فالصَّلاةُ إنَّمَا تُكَفِّرُ سَيئاتِ مَنْ أَدَّى حَقَّهَا وَأَكْمَلَ خُشوعَهَا، وَوَقَفَ بَيْنَ يَدي اللهِ تَعَالى بِقَلْبِهِ وَقَالَبِهِ، فَهَذَا إِذَا انْصَرَفَ مِنْهَا وَجَدَ خِفَّةً فِي نَفْسِهِ، وَأَحَسَّ بأثقَالٍ وُضِعَتْ عَنْهُ، فَوَجَدَ نَشَاطًا وَرَاحَةً وَرَوحًا حتَّى أنَّهُ يَتَمنَّى أنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا لأنَّها قُرَّةُ عَينهِ وَنَعِيمُ رُوحِهِ وَجَنَّةُ قَلْبِهِ وَمُسْتَرَاحُه في الدُّنْيَا فَلا يَزَالُ كَأنَّهُ في سِجْنٍ وَضِيْقٍ حَتَّى يَدْخلَ فِيهَا فَيَسْتَريحُ بِها لا مِنْهَا.
المُحِبُّونَ يَقولُونَ: نُصَلّي فَنَسْتَرِيحُ بِصَلاتِنَا كَمَا قَالَ إِمَامُهم وَقُدْوَتُهم وَنَبِيُّهُمْ ﷺ: «يَا بِلالُ أَرِحْنَا بالصَّلاةِ» . وَلَمْ يَقُلْ: أَرِحْنَا مِنْهَا.
وَقَالَ ﷺ: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ» . فَمَنْ جُعَلْت قُرةُ عَيْنِهِ في الصَّلاةِ كَيْفَ تَقَرُّ عَيْنُه بِدُونِهَا وَكَيْفَ يَطِيقُ الصَّبْرُ عَنْهَا فَصَلاةُ هَذَا الحَاضِرِ بِقَلْبِهِ الذي قُرّةُ عَيْنِهِ في الصَّلاةِ هِيَ التِي تَصْعَدُ وَلَهَا نُورٌ وَبُرْهَانٌ حَتَّى يُسْتَقْبَلَ بِهَا الرَّحْمَنُ فَتَقُولُ: حَفِظَكَ اللهُ تَعَالى كَمَا حَفِظْتَنِي، وأمَّا صَلاةُ الْمُفَرِّطِ الْمُضَيّعِ لِحُقُوقِهَا وَحُدُودِهَا وَخُشُوعِهَا فَإنَّهَا

1 / 233