أوقفني في التذكرة وقال لي لا تثبت إلا بطاعة الآمر ، ولا تستقيم إلا بطاعة النهي . وقال لي إن لم تأتمر ملت ، وان لم تنته زغت . وقال لي لا تخرج من بيتك إلا إلي تكن في ذمتي وأكن دليلك ، ولا تدخل إلا إلي إذا دخلت تكن في ذمتي وأكن معينك . وقال لي أنا الله لا يدخل إلي بالأجسام ، ولا تدرك معرفتي بالأوهام . وقال لي إن وليتني من علمك ما جهلت فأنت ولي فيه . وقال لي كلما رأيته بعينك وقلبك من ملكوتي الظاهر والخفي فأشهدتك تواضعه لي وخضوعه لبهاء عظمتي لمعرفة أثبتها لك فتعرفها بالإشهاد لا بالعبارة فقد جوزتك عنها وعما لا ينفذ من علوم غيرها وألسنة نواطقها وفتحت لك فيها أبوابي التي لا يلجها إلي من قويت معرفته بحمل معرفتها فحملتها ولم تحملك لما أشهدتك منها ولما لم أشهدها منك فوصلت إلى حد الحضرة وقبل بين يدي فلان بن فلان فأنظر عندها من أنت ومن أين دخلت وماذا عرفت حتى دخلت ولماذا وسعت حتى حملت . وقال لي إذا أشهدتك كل كون إشهادا واحدا في رؤيةواحدة فلي في هذا المقام اسم إن علمته فادعني به وان لم تعلمه فادعني بوجد هذه الرؤية في شدائدك . وقال لي صفة هذه الرؤية أن ترى العلو والسفل والطول والعرض وما في كل ذلك وما كل ذلك به فيما ظهر فقام ، وفيما سخر فدام ، فتشهد وجوه ذلك راجعة بأبصارها إلى أنفسها إذا لا يستطيع أن يقبل كل جزيئة منها إلا إلى أجزائها ، وتشهد منها مواقع النظر المثبت فيها الوجود تسبيحها منعرجة إلي بتماجيد ثنائها شاخصة إلي بالتعظيم المذهل لها عن كل شيء إلا عن دؤوبها في أذكارها ، فإذا شهدتها راجعة الوجوه فقل يا قهار كل شيء بظهور سلطانه ، ويا مستأثر كل شيء بجبروت عزه ، وأنت العظيم الذي لا يستطاع ولا تستطاع صفته ، وإذا شهدتها شاخصة للتعظيم فقل يا رحمن يا رحيم أسألك برحمتك التي أثبت بها في معرفتك ، وقويت بها على ذكرك ، وأسميت بها الأذهان إلى الحنين إليك ، وشرفت بها مقام من تشاء من الخلق بين يديك . وقال لي إذا سلمت إلي ما لا تعلم فأنت من أهل القوة عليه إذا أبديت لك علمه ، وإذا سلمت إلي ما علمت كتبتك فيمن أستحي منه . وقال لي المعرفة ما وجدته ، والتحقق بالمعرفة ما شهدته . وقال لي العالم يستدل علي فكل دليل يدله إنما له يدله على نفسه لا علي ، والعارف يستدل بي . وقال لي العلم حجتي على كل عقل فهي فيه ثابتة لا يذهل العقل عنها وأن تذاهل ، ولا يرحل عن علمه وان أعرض . وقال لي لكل شيء شجر ، وشجر الحروف الأسماء ، فاذهب عن الأسماء تذهب عن المعاني . وقال لي إذا ذهبت عن المعاني صلحت لمعرفتي .
موقف الأمر
Bogga 28