Mawahib Laduniyya
المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
Daabacaha
المكتبة التوفيقية
Daabacaad
-
Goobta Daabacaadda
القاهرة- مصر
Noocyada
Taariikhda Nebiga
«أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع» ثم خرج من باب العريش وهو يتلو سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «١» «٢» .
فإن قلت: كيف جعل أبو بكر يأمره- ﵊ بالكف عن الاجتهاد فى الدعاء ويقوى رجاءه ويثبته، ومقام الرسول- ﷺ هو المقام الأحمد، ويقينه فوق يقين كل أحد؟
أجاب السهيلى نقلا عن شيخه: بأن الصديق فى تلك الساعة كان فى مقام الرجاء، والنبى- ﷺ فى مقام الخوف، لأن لله تعالى أن يفعل ما يشاء، فخاف ألايعبد الله فى الأرض، فخوفه ذلك عبادة. انتهى.
وقال الخطابى: لا يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبى ﷺ فى تلك الحالة، بل الحامل للنبى- ﷺ على ذلك شفقته على أصحابه وتقوية قلوبهم، فبالغ فى التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة، فلما قال له أبو بكر ما قال، كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر فى نفسه من القوة والطمأنينة، فلهذا عقبه بقوله: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» .
وقال غيره: وكان النبى- ﷺ فى تلك الحالة فى مقام الخوف، وهو أكمل حالات الصلاة، وجاز عنده ألايقع النصر يومئذ، لأن وعده بالنصر لم يكن معينا لتلك الواقعة، وإنما كان مجملا. هذا هو الذى يظهر من بادىء الرأى.
وإنما قال- ﷺ: «اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد بعد اليوم» «٤» لأنه علم أنه خاتم النبيين، فلو هلك هو ومن معه حينئذ، لا يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان.
(١) سورة القمر: ٤٥.
(٢) صحيح: وهو عند البخارى (٢٩١٥) فى الجهاد والسير، باب: ما قيل فى درع النبى ﷺ، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-، إلا أنه فيه بلفظ غريب من ذلك
(٣) سورة القمر: ٤٥.
(٤) صحيح: وقد تقدم قريبا.
1 / 215