Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Noocyada
ومنها أنها وضعت على رؤوس المسلمين وأموالهم إرادة لتخليصهم من الغلول الحاصل منهم في الأزمنة السابقة؛ واستدل على غلول من تؤخذ منهم هذه الضرائب برجل ظهر له مال لم يؤد زكاته في السنين الماضية، فكتب مولانا أيده الله إلينا بمعنى ما ذكره هذا النائب ليعرف ما عندنا في ذلك، فقلت في الجواب: إن خفاء كيفية أخذ ذلك من رؤوس المسلمين على مولانا هو اللائق بمنصبه الشريف، وورعه الشحيح، وبه يعرف كون مقصده ومقصد الإمام أيده الله واحدا أعني عدم رضاهما بأخذ ذلك من رؤوس المسلمين وفقرائهم، كما تهور فيه ولاة هذه الجهات وعرفاؤها، فإنهم استمروا في جميع الأزمنة والأمكنة على أخذ هذه الجزية التي ضربها ولاة الجور، كسنان التركي ونحوه من البغاة؛ فإنهم وضعوا هذه الضرائب على المسلمين واختصوا بلاد الزيدية الذين هم أتباع الذرية الزكية بوضع هذه الجزية على رؤوسهم، فاستمر الولاة والعرفاء على أخذها من رؤوس الفقراء والأغنياء؛ فيأخذون من كل بالغ رسما معروفا في كل شهر، وكلما نهيناهم أعرضوا عن النهي، وخالفوا أمر إمام العصر، وادعوا ثبوت ذلك عادة لهم جارية منذ تولى سنان إلى الآن، واعتلوا باستمرار ذلك في زمن أحد الأئمة الهادين؛ فإذا رد قولهم هذا بأن الله سبحانه قد عذر الفقير عن الفطرة التي فرضها عليه في العام مرة وهي صاع من أي قوت يخرجها إلى مصرفها إن تمكن من نصابها أجابوا بالمصادرة عن المطلوب، واحتجوا بمحل[111أ]النزاع وقالوا: هذه رسوم ومال سلطاني يجعل في وظائف الولاة وأقاربهم، فلا يسقطها ما يسقط الفطرة من الأعشار، ثم يحتجون ثانيا بأن البقشة على رأس الفقير يؤول ظلمه بأخذها منه إلى أربعين بقشة وإلى خمسين؛ فإذا سئلوا عن مصير ذلك إلى بيت مال المسلمين ومصيره إليه حرام شرعا؛ لأنه مال مسلم معين أم في وظائف الولاة التي جعلتموها حجة على ثبوت الضريبة على رأس المسلم أم في غير ذلك أجاب العرفاء، والعرفاء في النار: إنها تصير شائبا لعريف البلد فيما ينفقه لنفسه، ويداري به والي جهته من الهدايا التي يأخذها والي الجهة من عرفاء الجهات في مواقيت معلومة من العام وغير ذلك مما يحتاجه العرفاء لأقاربهم، فإذا قيل لهم: إن هذه الهدايا محرمة شرعا؛ لأنها في مقابلة واجب أو دفع محظور، فإذن الإمام لا يسوغها بإجماع المسلمين وهي مظلمة باتفاقهم ترد إلى أربابها، ولا يصير بيت مال منها إلا ما سوغه إذن الإمام؛ وهو ما جاء إلى العامل عفوا لا في مقابلة واجب أو دفع محظور؛ أجابوا أيضا بالمصادرة عن المطلوب وقالوا: هذه عادة جرى عليها عرفاء الجهة في الأزمان السابقة يهادون النواب والعمال دفعا لمعرفتهم أن تمس الرعية، فلذا يقبضوها من أغنياء الرعية وفقرائها لما ضرب على رؤوسهم وأموالهم؛ ولذا آلت إلى أربعين، فانظر إلى هذا الاستدلال بالظلم على الظلم، وإلى جهل هؤلاء الذين تعودوا الحرام وأكلوا الشبه، وجعلوا تطاول الزمان عليهم في أخذه حجة على تحليله.
وقولنا فيما سبق أن هذا هو اللائق بمنصب مولانا أيده الله إشارة إلى الاستدلال على تنزهه مما وقع فيه هؤلاء العمال والعرفاء من الرضا بأخذ ذلك من رؤوس المسلمين ظنا منه أيده الله أن المأخوذ منه إنما هو ما ضرب على المال مما يظن أخذه في بادئ الرأي حقا؛ وأنه أيده الله غير راض بما رضي به العرفاء[111ب]والنواب من ذلك، وأن سبب استمرارهم على ذلك في وقت الإمامين وأخيهما: الحسين عليهم السلام هو هذا الاتهام الصادر عن عرفاء الجهة ونوابها من كونهم لا يأخذونها من رؤوس فقراء المسلمين، فهذا له أيده الله نحو الثماني السنين يتولى أمور المسلمين في هذه الجهات وهو لا يعلم حقيقة ما يفعله الولاة والعرفاء من أخذ هذه الضرائب من رؤوس المسلمين غنيهم وفقيرهم، إيهاما من النواب والعرفاء أنهم لا يأخذونها إلا من ذوي الأموال دون الفقراء؛ وما أوهم به العرفاء من هذا باطل من وجوه :
Bogga 411