Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Noocyada
[أقوال وآراء في ماهية السياسة]
قال بعض الأفاضل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وله بعد من الفساد، فإذا صادمت النصوص بطل حكمها ومهما وافقته من طريق يتناسب ما تقدم اعتبرت، ولسنا نريد بالسياسة ما أفرط فيه ولاة الجور ولا ما فرط فيه غيرهم، فكلي الطائفتين أتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، فإن الله تعالى أرسل رسله وأنزل كتبه[108ب] ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به السماوات والأرض، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق فثم شرع الله ودينه، فالسياسة العادلة من الدين، وإذا اعتبرت الأمارات والقرائن في المتهمين بحيث قويت قوة الشهادة جاز العمل عليها في حبسه حتى يتبين الحال، ولا بد حينئذ مع كونه مظنة للتهمة من اعتبار قرائن الأحوال كما اعتبرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تهمة حبس من اتهم بها لظهور أمارات قضت بالريبة على المتهم، فليس المراد إطلاق كل متهم وتحليفه وتخلية سبيله مع اشتهاره بالفساد في الأرض، وكثرة سرقاته، ولا حبس كل متهم لمجرد تهمة خصمه له فالأول أفرط والثاني تفريط والضابط المظنة وقرائن الأحوال والأمارات، ومن السياسة تفريق الشهود عند الريبة وسؤالهم كيف تحملوا الشهادة وأين تحملوها، وكذا إذا ارتاب في الدعوى سأل المدعي عن سبب الحق وأين كان، ونظر في الحال هل يقتضي صحة ذلك، وقل حاكم أو وال اعتنى بذلك وصار له فيه ملكه إلا عرف المحق من المبطل، وأوصل الحقوق إلى أهلها.
Bogga 404