Matlac Budur
مطلع البدور ومجمع البحور
Noocyada
الفقيه المنطيق، العارف العلامة، أحمد بن أسعد اليمني الزيدي(1) - رحمه الله تعالى - /86/ كان ذكاؤه شعلة قبس من تراجمة الحكمة، وله مقامات، ومما استحسنه من قوله، ما كتبه بعد أن فعل الأمير شمس الدين أحمد بن المنصور بالله القصيدة المشهورة إلى سلطان اليمن، فعارضه المذكور وبلغني عن بعض شيوخي أن هاتين القصيدتين أرسل بهما إلى العراق؛ لأنه بلغ العلماء باليمن أن الأمير شمس الدين راسل أهل العراق وتجرم(2) من حجة الله عليه الإمام المهدي، فخشي العلماء أن تقدح الشبهة في قلوبهم على بعد الشقة فأرسلوا بقصيدة الأمير وعراضها، ليعلموا أن الأمير قد انحط عن ذروته، وتهافت بالوفادة إلى سلطان اليمن التركماني المعروف بالغساني، وقضية نزول الأمير إلى اليمن: أنه بعد أن كان ما كان من تلك الأمور الموجعة والنكوص على الأعقاب - نسأل الله السلامة - نهض الأمير شمس الدين فيمن معه قاصدا(3) إلى مدينة (زبيد)، وهنالك السلطان، فلما هبطوا (نقيل صيد) علم السلطان بإقبالهم إليه، فأمر بإنصافهم في الطرقات، وساروا حتى بلغوا زبيد لأيام دون نصف شهر، فلما علم بهم السلطان خرج من مدينة زبيد في لقائهم، وقد كان أمر جنده وأهل تلك النواحي بلقائهم إلى جانب الطريق، وعظم شأنهم، ورفع في أعيان الناس مكانهم، فلما التقى الأمير شمس الدين رحب به، وعظمه، وأمر له بالمضارب والخيام، وأمر بالسماطات والألوان الأنيقة إلى محطتهم وهي خارج الباب المسمى بباب الشبارق، وأقام الأمراء عنده تنقل الكرامات المختلفة، ولم تمض إلا الليالي القلائل حتى عرضت لهم الحمى الوبائية فلم يبق منهم إلا القليل، فتوفى منهم الأميران جعفر بن عبد الله بن الحسن بن حمزة، وأحمد بن جعفر بن الحسين، وجماعة من أجنادهم وأخدامهم، ثم إن السلطان لما رأى ما نزل بهم خلا بالأمير شمس الدين، وراجعه فيما لا بد لهم منه، ثم أمر للأمير شمس الدين بنيف وأربعين ألف دينار من الدنانير الملكية، كل دينار أربعة دراهم، كل درهم ثلثا قفلة، وأمر لهم جميعا بالكساء النفيسة، وخص البعض بشيء وحده، وأمر معهم بعصابة من جنده، فصدروا عنه شاكرين لإحسانه، وكان السلطان يأمر له بالافتقاد والملابس حالا بعد حال، وكتب الأمير شمس الدين هذه القصيدة إلى السلطان يستنجده، وإليها يساق الحديث هذا بطوله، فقال:
لعل الليالي الماضيات تعود ... فتبدو نجوم الدهر وهي سعود
عفى منزل ما بين نعمان واللوى ... وجرت به للرامسات برود
وكانت به العين الغواني أوانسا ... فأضحت به العين الوحوش ترود
مجر أنابيب الرماح ومبتنى ... قباب ظبا ريقهن برود(1)
/86/ فيا دارنا بين العيينة والحما ... هل الروض روض والزرود زرود
Bogga 165