204

Al-Matal al-saʾir fi adab al-katib wa al-saʿir

المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر

Baare

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Daabacaha

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Goobta Daabacaadda

الفجالة - القاهرة

النوع الأول: المسجع ... النوع الأول: السجع وحدُّه أن يقال: تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد. وقد ذمَّه بعض أصحابنا من أرباب هذه الصناعة، ولا أرى لذلك وجهًا سوى عجزهم أن يأتوا به، وإلا فلو كان مذمومًا لما ورد في القرآن الكريم، فإنه قد أتى منه بالكثير، حتى إنه ليؤتى بالسورة جميعها مسجوعة، كسورة الرحمن، وسورة القمر، وغيرهما، وبالجملة فلم تخل منه سورة من السور. فمن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا، خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ ١. وكقوله تعالى في سورة طه: ﴿طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى، تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ٢. وكذلك قوله تعالى في سورة ق: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ، أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ، وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ ٣. وكقوله تعالى: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا، فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ ٤ وأمثال ذلك كثيرة. وقد ورد على هذا الأسلوب من كلام النبي ﷺ شيء كثير أيضًا. فمن ذلك ما رواه ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "استحيوا من الله حق الحياء"، قلنا: إنا لنستحي من الله يا رسول الله! قال: "ليس

١ سورة الأحزاب: الآيتان ٦٤، ٦٥. ٢ سورة طه: الآيات ١-٨. ٣ سورة ق: الآيات ٥-٧. ٤ سورة العاديات: الآيات ١-٥.

1 / 210