إلى أن وفق لقطعها من الهمه الله رشده، وقرن باتباع أحكامها الكتاب والشريعة يمنه وسعده، وشد بأدعية المؤمنين ملكه وأيده، وصدقه الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعده فاعلى كعبه ومجده، وأذل أعداءه، وأعز أولياءه وجنده، أمير المؤمنين، المهدي لاحياء سنة المرسلين، أبو فارس عبد العزيز، جعله الله في حصن حصين وحرز حريز، انه عرف ما فيها من الغوائل، وما دخل على المسلمين فيها من الدخائل(¬1)، ولم يخف عنه فيها ان الاسم هو المسمى، وانكشف له انكشافا، لم يفتقر معه إلى إخراج المعمى، وتجلى له الحق، وكيف يخفى إلا عن بصيرة أعماها حب دنياها واتباع هواها؟ ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا(¬2)، فأثر النجاة من شرها والسلامة، وتبرأ من موجبات الخزي والندامة، وشهر إسقاطها رجاء أن يثقل ميزانه في عرصات القيامة، وأمر بالسياسة الشرعية التي مضى عليها الخلفاء الراشدون، ومن يرتضي من أهل الإمامة، وأنفذ ذلك من حكمه وقضائه، وعزمه الصادق في تحقيق الحقائق وإمضائه، وثبت ذلك في ديوان المكرمات التي أفادها، والمظالم التي محاها وأبادها، والسنن التي أميتت فأحياها وأعادها، ملأ الله قلبه خشية ورحمة، وشرح صدره بنور العلم والحكمة، وضرب عليه سرادق الحفظ والعصمة، فصفر منها وطاب المعتدين، وحسده الشيطان اللعين، فخيل إليهم أنهم إليها غير عائدين، الا أن يجمعوا مكر الماكرين وكيد الكائدين 3/185 ب، فأجمعوا أمرهم على امهال الرعية، وامهال الشريعة، وامهال السياسية الشرعية، وترك حدود الله غير محفوظة ولا مرعية، وإن بعثوا من كل ناحية شكية، ويوذنوا أن كثرة الفساد قطع الخطية. وسبق القلم على من ذكر، فألقى إليهم الاباحة فتمت لهم الامنية، وقد كانوا قبل ذلك في محاورة ومصانعة، ومقاولة ومراجعة، فاستطاعوا ان ينزلوا الخليفة أيده الله عن تلك المنقبة العلية، والرتبة الرفيعة المرضية، حتى زل معينهم في مزلة الهوى، وأغوى لما غوى.
وأنا أسأل الله أن يعصم أمير المسلمين من سواهم، وينجيه من مكيدة إلباسهم. وإليه أضرع في ذلك، فهو الذي بيده أزمة الالسنة والقلوب، وهو الذي يصعد إليه الكلم الطيب غير محجوب.
Bogga 88