Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Noocyada
وهذا مما يدلك على أن الأدب ليس هو العلة الحقيقية، إذ لو كان الأمر كذلك، لم يكن فرق بين أن يقبض الثمن أو لا. فما الفرق على مذهب ابن قاسم إلا أنه إذا كسرت الخمر على المسلم تبين أن ضمانها منه، وأنها لا تقر بيده حتى ترد إلى النصراني، وما بقي إلا مطالبة النصراني للمسلم بثمن الخمر. فالمسلم لا يحل له دفع ثمن الخمر، والنصراني لا يمكن من ذلك لنهيه عن أن يبيع الخمر من مسلم. لكن هذا النهي لا يخرج الخمر عن أن تكون ملكا له، فما بات بين المسلم، ثم لما عاق عن صرفه إلى النصراني أنه لا يمكن شرعا من ثمن خمر من مسلم، صار ذلك المتمول بمنزلة المال الضائع أيضا، فيتصدق به، وإن كانت راجعة لصرف الأموال الضائعة للفقراء أدبا للذمي، لأنه إذا لم يرجح أخذ الأثمان لما يبيعه من خمر لمسلم،لم يبق له باعث على البيع به.فليس إذن من العقوبة بالمال على الذنب في شيء، ولو كان المقصود ذلك، أخذ من ماله أو من مال المسلم، وعرفنا به، سواء كان ثمن خمر وخنزير أو لا.
ومما يدلك على ما قلناه، ما وقع لعبد الحق في النكت.(¬1)قال: سألت بعض شيوخنا من غير أهل بلدنا عن النصراني يبيع خمرا من مسلم فيجب أن يتصدق بالثمن عليه {74=221/أ}إن لم يقبضه. فقلت أرأيت إن كان عليه دين هل يكون الثمن لأهل دينه، لأن الصدقة عليه إنما هي من باب العقوبة، وهذا لو حصل له الثمن في يده لم ينزع منه، فلا يضر بأهل الدين بالصدقة به منعه منه.فقال لي: ليس بشيء لأهل دينه ما يتملكه ويكون له قبضه، فلا حق لأهل دينه فيه.انتهى(¬2).
Bogga 272