Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Noocyada
قلت: تفرس إن الأب تحمله الرقة على ابنه على أن يعجل خروجه من السجن، وأن الولد لا يقر، خشية زيادة العقوبة عليه، ولايتأتى ذلك إلا بغرم حق المرأة. ثم ما تفرس به وقع. وقوله: لاها الله إذن، أي إن كنت تتبرأ من جناية ابنك فلك ذلك، لقول الله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، فأنا لا أدع حق هذه المرأة فأطيل سجنه، فلا يخرج حتى ينقدها إن شاء الله، أو يطول سجنه. فلم ير مالك ولا ابن القاسم ذلك من العقوبة بالمال في شيء. وإنما تكلما في قضية مروان بناء على أنه قضى على الولد بالألف، فالتزم الأب دفعها، ولو تأول قول مروان بما قلناه لم يكن في ذلك ما أنكره مالك، غير أن ابن رشد رحمه الله سرة ذهنه إلى إغرام المال في المهر قبل الثبوت من باب العقوبة بالمال، وتحرز رحمه الله في ذلك بناء على فهم حقيقة القضاء من مروان. ولو تأمل لما وجده إلا من باب الاغرام لما وجب فبل ثبوت سببه، لكنه استطرد ذكر ذلك، وبين أنه منسوخ إجماعا. ولعل مروان رأى أن وجود الجرح بالرجل كما وصفت المرأة، وأنها بلغت من فضح نفسها بصياحها أولا، واستصراخها حتى فرعنها، وبمجيئها للأمير ثانيا بما كان عنده بمنزلة الشاهد على صدق دعواها، فلم يبق القضاء موقوفا إلا على إقراره، أو بيمينها، أو يرى ما اتفق لها من الأمر ليس بأقل دلالة على صدقها ما لو أتت متعلقة بالرجل، وهو ممن تليق به الدعوى، أو رأى أن دلالة ما ذكر على صدقها ليس بأقل من دلالة غيبته عليها على صدقها.
ففي رسم الاقضية من كتاب الحدود في القذف، قال سحنون: قال لي ابن القاسم: ولو شهد رجلان أنهما رأيا امرأة اعتصبها رجل فأدخلها منزله وغاب عليها فشهدا بذلك، فادعت المرأة أنه أصابها، وأنكر ذلك الرجل، فحلفت المرأة مع شاهديها، واستوجبت الصداق وأن لم يكن عليه في ذلك حد.
Bogga 209