Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Noocyada
أقول: قد قدمنا هذه المسألة(¬1)وانكار أبي عبد الله محمد بن الفخار على أن الملد يغرم أجرة العون. فان اللدد معصية، والمعاصي لاتحل مال العاصي. قال: ولا أعلم ذنبا من الذنوب يحل مال المذنب إلا الكفر. وان من قال: انه لايغرم الملد، فليس عذره من جهة العقوبة بالامل اتفاقا منهم، ولا خالف ابن الفخار أحد منهم، أي من مخالفيه، فيما احتج به من أن المعاصي لا تحل مال العاصي، إلا الكفر، على تفصيل فيه. وإنما نزاعهم معه في أن هذا ليس من باب إحلال مال المذنب بالذنب، وإنما هو من باب غرم المتلف. والإتلاف كما يكون بالمباشرة يكون بالتسبب. وهذا قد تسبب بلدده وتغيبه في اغرام غريمه أجرة العون.
فان قلت : ما الصواب من هذا الخلاف.
قلت: الملد وان تسبب، فلم يتسبب بفعل وإنما تسبب بترك الانقياد إلى الحكم، فيردد النظر أولا في أن الترك فعل أم لا؟. ثم إذا تحقق أنه فعل، فيبقى النظر في هذا اللدد هل يسوغ له؟، ولا شك أنه يحرم عليه، أن كان الحق جليا، وكان هوبما يطالب به مليئا، والحاكم المدعو إليه (42-205/أ) من حكام العدل. فان تبين مثل هذا، فالصواب والله أعلم اغرامه، لأنه ظالم بلدده. وان كان له عذر ظاهر من عدم، ويخاف أن يسجن، إذ لا يعرف عدمه، وكان طالبه آخذا له شهادة زور مثلا، أو كان الحاكم من حكام الجور فخاف سطوته، أو غير ذلك. من الاعذار، فلا غرم عليه. وان لم تعرف حقيقة الأمر في ذلك، فالأصل عصمة مال المسلم، فلا يباح بالاحتمال والشك، إذ لايرتفع اليقين إلا بيقين(¬2). والله سبحانه أعلم.
Bogga 192