العلم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم، يقضي بين الناس كما أمر الله.
من أجل كل ذلك علا قدره ومكانته بين أهل بلده، وذاع صيته بين أقرانه حتى تبوأ مكانة عالية، تُشد إليه الرحال طلبًا للإسناد وتلقي العلم على يديه، فأصبح بحق إمام وقته في الحديث وعلومه، فقيه زمانه في الأصول واللغة والنحو والأنساب، وغير ذلك مما يدل عليه تنوع معارفه وتآليفه التي تركت علامةً بارزةً في كل لون من ألوان التصنيف دالة على ذلك.
المبحث الرابع: أقوال العلماء فيه:
قال ابن بشكوال في "الصلة" (١): هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، واستقضي بسبتة مدة طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نُقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطل بها، وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه. اهـ.
وقال ابن الأبار: وكان لا يدرك شأوه، ولا يبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث وتقييد الآثار، وخدمة العلم مع حسن التفنن فيه (٢).
وقال فيه رفيقه وتلميذه أبو عبد الله محمد بن حَمّاد السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، وكان هينًا من غير ضعف، صلبًا في الحق ... إلى أن قال: وحاز من الرئاسة في بلده والرفعة ما لم يصل إليه أحدٌ قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعًا وخشيةً لله تعالى (٣).
_________
(١) ٢/ ٤٥٣.
(٢) "معجم أصحاب أبي علي الصَّدفي" ص ٣٠٧.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ٢٠/ ٢١٤ - ٢١٥.
1 / 21