189

Matalib Saul

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول‏

صبرتم فنعم عقبي الدار.

(النوع الرابع في الحكم والأمثال)

أصدر هذا النوع بما أورده عنه ((عليه السلام)) عبد الله بن عباس (رض) فإنه نقل عنه أنه قال: ما انتفعت بكلام بعد رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كانتفاعي بكتاب كتبه إلي علي بن أبي طالب ((عليه السلام))، فإنه كتب إلي: أما بعد، فإن المرء يسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ويسره درك ما لم يكن ليفوته، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك وليكن اسفك على ما نالك منها وما نلت من دنياك فلا تكن به فرحا وما فاتك منها فلا تأس عليه حزنا وليكن همك فيما فاتك بعد الموت، والسلام.

وقال ((عليه السلام)) لجماعة: خذوا عني هذه الكلمات فلو ركبتم المطى حتى تنضوه ما أصبتم مثلها، لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه ولا يستحي إذا لم يعلم أن يتعلم ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا خير في جسد لا رأس له فاصبروا على ما كلفتموه رجاء ما وعدتموه.

وقال ((عليه السلام)): الشيء شيئان؛ شيء قصر عني لم ارزقه فيما مضى ولا أرجوه فيما بقى، وشيء لا أناله دون وقته لو استعنت عليه بقوة أهل السماوات والأرض فما أعجب أمر هذا الإنسان، يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، ولو أنه فكر لأبصر ولعلم أنه مدبر واقتصر على ما تيسر، ولم يتعرض لما تعسر واستراح قلبه مما استوعر، فبأي هذين افني عمري فكونوا أقل ما تكونون في الباطن أحوالا أحسن مما تكونون في الظاهر أحوالا، فإن الله (تعالى) أدب عباده المؤمنين أدبا حسنا فقال جل من قائل: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا .

وقال ((عليه السلام)): لا تكون غنيا حتى تكون عفيفا ولا تكون

Bogga 198