وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ، لا تَنُوحُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ ينح عليه.
(١٧) أخبرنا أبو ذر: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إملاء: حدثني عبد الله بن مطيع: حدثنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: يا رسول اللهِ، المَالُ الَّذِي لا يَكُونُ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ ضيف ضافني أو عيال كَثِرُوا، قَالَ: نَعَمْ المَالُ أَرْبَعُونَ مِنْ الإبِلِ، وَالكَثِيرُ سِتُونَ، وَوَيلٌ لأصْحَابِ المِئين، إِلا مَنْ أعطى في رسلها / ونجدتها، وأفقر ظَهْرَهَا، وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا، وَنَحَرَ سَمِينَهَا، وَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الأَخْلاقِ وَأَحْسَنَهَا، إِنَّهُ لا يَحِلُّ بِالْوَادِي الَّذِي أَنَا بِهِ مِنْ كَثْرَةِ إِبِلِي، قَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْمَنِيحَةِ؟ قَالَ: إِنِّي لأَمْنَحُ فِي كل عام مئة، قال: فكيف تصنع بالغادية؟ قَالَ: تَغْدُو الإِبِلُ وَيَغْدُو النَّاسُ، فَمَنْ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ ذَهَبَ بِهِ، قَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بالفقار؟ قال: إني لأفقر البكر الصريح وَالنَّابَ الْمُدْبِرَ، قَالَ: مَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوْلاكَ؟ قَالَ: بَلْ مَالِي، قَالَ: فَإِنَّ مَا لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، وَلَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، وَأَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا بَقِيَ فَلِمَوْلاكَ، قَالَ: قُلْتُ: لِمَوْلايَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أما والله لئن بَقِيتُ لأَدَعَنَّ عِدَّتَهَا قَلِيلا، قَالَ الْحَسَنُ: فَفَعَلَ ﵀، فلما حضرته الوفاة دعى بَنِيهِ فَقَالَ: يَا بَنِيَّ خُذُوا عَنِّي، فَلا أحد أَنْصَحَ لَكُمْ مِنِّي، إِذَا أَنَا مِتُّ فَسَوِّدُوا أكابركم ولا تسودوا أصاغركم فيستسفه النَّاسُ كِبَارَكُمْ وَتَهُونُوا عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْكُمْ بِاسْتِصْلاحِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ، إِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْأَلْ إِلا تُرِكَ كَسْبُهُ، وَإِذَا مِتُّ فَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا وَأَصُومُ، وَإِيَّاكُمْ وَالنِّيَاحَةَ عَلَيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَنْهَى عَنْهَا، وَادْفِنُونِي فِي مَكَانٍ لا يَشْعُرُ بِهِ أَحَدٌ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ خُمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ يدخلوها عليكم في الإسلام
فيفتنوا عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ. قَالَ الْحَسَنُ: نَصَحَ فِي الْحَيَاةِ، ونصح في الممات.
(١٨) أخبرنا أبو ذر: أخبرنا أبو عبد الله شيبان بن محمد بن عبد الله بن شيبان بْنِ سَيْفٍ الضُّبَعِيُّ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ بِالْبَصْرَةِ قراءة عليه: حدثنا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ بْنِ مُحَمَّدٍ الجمحي إملاء سنة ٣٠٤: حدثنا أبو الوليد: حدثنا همام: حدثنا يونس بن سيرين: حدثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: صُومُوا أَيَّامَ الْبِيضَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَالَ: هُنَّ كنز (١) الدهر.
(١٩) أخبرنا أبو ذر: أخبرنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ قِرَاءَةً عليه / من أصله: أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الْجُوَيْنِيُّ قراءة عليه: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر غندر: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِلَّهِ أَبُوكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ رَجُلا مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ يجزى كُلُّ عَظْمٍ مِنْهُ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فكاكه من النار يجزى بكل عظمتين منهما عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنَ النَّارِ تجزى بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهَا من النار.
_________
(١) ذكره بهذا اللفظ في كنز العمال (٢٤١٨٦) ونسبه لهذا الجزء. وكتب في الهامش: لعله كصوم.
1 / 44