Socdaalka Masraxa ee Masar
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Noocyada
مثل جوق الشيخ سلامة حجازي مساء أول أمس رواية «هملت» الشهيرة، فظهرت في ثوب قشيب لم تلبسه من قبل؛ لأن إتقان الملابس والمناظر زاد في رونقها، حتى حال الحاضرون أن الرواية ليست رواية «هملت» التي طالما شهدوها قبل الآن، مما دل بوضوح تام أن وراء سويداء التمثيل في مصر رجالا يعملون على ترقيته، وأن القابض على دفة مركبه هو الشيخ سلامة حجازي مدير هذا الجوق الجديد.
ومسرحية «هملت» كما كتبها شكسبير تدور حول وفاة ملك الدانمارك في ظروف غامضة، فيخلفه على العرش شقيقه كلوديوس، ومن ثم يقترن بأرملة الملك. وهذه الأمور أثارت شكوك ولي العهد هملت، فعانى من اضطراب نفسي عنيف. بعد ذلك يظهر لهملت شبح والده المتوفى ويخبره بأنه مات مقتولا على يد شقيقه كلوديوس، ويطالبه بأخذ الثأر. فيعيش هملت بعد ذلك حالة من الجنون، وأثناء استجوابه لأمه الملكة في حجرة نومها يشعر بأن هناك من يتجسس على حديثهما من وراء الستار، فيقتله فإذا به بولونيوس الوزير الأول ووالد أوفيليا، ثم ينتهز هملت حضور فرقة تمثيلية إلى القصر فيتفق معها على تمثيل مسرحية يقوم بطلها باغتيال شقيقه الملك ليستولي على عرشه وزوجته، وعندما يشاهد كلوديوس التمثيل يثور على الممثلين ويخرج بعد أن قرر التخلص من هملت بإرساله إلى إنجلترا برفقة خائنين، معهما خطاب إلى ملك إنجلترا، فيه أمر بقتل هملت فور وصوله. ولكن هملت يكتشف المؤامرة ويخدع رفيقيه ويعود إلى الدانمارك، ثم يحاول كلوديوس تدبير مؤامرة أخرى للتخلص من هملت، وذلك بإقامة مبارزة بين هملت وبين لايريتس ابن الوزير بولونيوس. وقبل المبارزة يقدم الملك كأسا مسمومة لهملت، ولكنه يعتذر عنها فتشربها أمه وتموت، فتقوم المبارزة ويقتل كل منهما الآخر وتنتهي المسرحية. ولكن المترجم طانيوس عبده غير في النهاية حيث أبقى على حياة هملت.
ثم توالت بعد ذلك عروض الفرقة بدار التمثيل العربي - بنظام ثلاثة أيام أسبوعيا: السبت والثلاثاء والخميس - ومنها: «غانية الأندلس»، «صلاح الدين الأيوبي»، «ضحية الغواية»، «السر المكنون»، «مغائر الجن»، «شهداء الغرام»، «ملك المكامن»، «اللص الشريف»، «مطامع النساء»، «هناء المحبين».
17
وبعد مرور سبعة أشهر - منذ بداية عمل الفرقة وحصولها على مسرح ثابت وإعادتها للمسرحيات القديمة - كان لا بد من تقديم الجديد، وإلا أصبحت الفرقة نسخة مكررة من فرقة إسكندر فرح القديمة. وقد تمثل هذا الجديد في عرض مسرحية «ابن الشعب» لإسكندر ديماس وتعريب فرح أنطون. وقد أعلنت عن هذا الأمر جريدة «مصر» قائلة في 12 / 9 / 1905:
يمثل مساء اليوم جوق الشيخ سلامة حجازي لأول مرة بدار التمثيل العربي رواية «ابن الشعب»، وهي سياسية أدبية ذات حوادث واقعية جرت في البلاد الإنكليزية، تأليف الكاتب الفرنساوي إسكندر دوماس، وتعريف حضرة الأديب فرح أنطون، وقد عودنا هذا الأخير أن لا ينقل من الروايات الإفرنجية إلى اللغة العربية إلا ما كان من خيرة الروايات وأهمها مثل رواية «البرج الهائل» ونحوها، فنؤمل أن يكون الإقبال عظيما.
وموضوع مسرحية «ابن الشعب» يدور حول فتاة أحبت وتزوجت وحملت دون أن يعلم والدها الثري صاحب الجاه؛ لأنه كان رافضا لهذا الزواج لعدم التكافؤ بين ابنته وزوجها. وعندما علم الأب طارد الزوجين برجاله، ولكن الزوجين هربا، ودخلا منزل طبيب. وعندما يرى الطبيب حالة الزوجة، وهي تكاد تنزف، يسعفها، فيكتشف أنها على وشك الولادة فيقوم بولادتها بمساعدة زوجته. وهنا يحضر والد الفتاة ورجاله، فيهرب الزوج بعد أن أوصى الطبيب وزوجته بالاهتمام بالأم والطفل، ويحاول الأب أخذ ابنته عنوة فيمنعه الطبيب، إلا أن الابنة توافق على الخروج مع والدها بعد أن أودعت طفلها أمانة عند الطبيب وزوجته. وتمر 26 سنة على هذه الأحداث، ونجد الطفل أصبح شابا مرموقا، تحبه ابنة الطبيب أو والده بالتبني لأنها تعلم حقيقته، ويدخل الشاب الذي أصبح اسمه «ريشار» إلى البرلمان، ويرشح للوزارة ضد شخص آخر، وفي أثناء الحملة الانتخابية يعيره الآخر بعدم نسبه إلى الطبيب. وبعد حدوث مواقف كثيرة نجد ريشار وقد تبدل وأصبح مرتشيا ووصوليا بعد أن فاز بمنصب الوزير، كما أصبح أيضا ظالما للجميع حتى لأقرب الناس إليه، وتحدث مفاجآت كثيرة، منها زواجه من ابنة الطبيب وتعذيبها ومحاولة قتلها، ثم خطبته لفتاة أخرى من أجل مركزها فيتضح في النهاية أنها شقيقته، وأخيرا محاولة قتله لأحد الأشخاص فيتضح له أنه والده، وبظهور هذه الحقائق تنتهي المسرحية.
ومن الغريب أن هذه المسرحية لم تمثل إلا ليلة أو ليلتين فقط ، رغم أنها أول مسرحية جديدة تعرضها الفرقة، وهذا التصرف يعتبر شاذا بالقياس إلى ما هو متبع عند جميع الفرق عندما تعرض مسرحية جديدة لأول مرة! والأغرب من ذلك أن أغلب الصحف صمتت ولم تعلق على عرض المسرحية! والسر في ذلك أن المسرحية لم تنجح لسببين؛ الأول: قلة القصائد الغنائية الموجودة في النص، وبالتالي عدم سماع الجمهور لغناء الشيخ سلامة بالقدر الذي تعود عليه، فالشيخ سلامة كان يقوم بدور «ريشار» في هذه المسرحية، ولم تتعد الأبيات الشعرية المغناة من قبله سوى 25 بيتا طوال خمسة فصول في 108 صفحات،
18
وهذا القدر الضئيل من الغناء لم يعالجه الشيخ سلامة بالأسلوب المتبع في ذلك الوقت، وهو إقحام بعض القصائد ضمن المواقف التمثيلية، حتى ولو لم يكتبها المؤلف في نصه إرضاء لذوق الجمهور.
Bog aan la aqoon