243

Socdaalka Masraxa ee Masar

مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي

Noocyada

ولفظت أنفاسها الأخيرة في مايو 1983.

ملحق

استئناف محاكمة مسرح يعقوب صنوع

أشرت في موضع سابق من هذا الكتاب، إلى أن الشيخ سلامة حجازي يعتبر صاحب أول فرقة مسرحية مصرية كبرى عام 1905؛ حيث إن جميع الفرق المسرحية الكبرى التي وجدت في مصر قبل هذا العام أصحابها من الشوام، أمثال: سليم خليل النقاش، يوسف الخياط، سليمان القرداحي، سليمان الحداد، القباني، إسكندر فرح ... ولعل هذه الحقيقة تتناقض مع ما هو معروف من أن يعقوب صنوع كمصري هو رائد المسرح العربي في مصر!

ويعقوب صنوع يعتبر أسطورة من أساطير التاريخ العربي الحديث، بما كتب عنه من الكتب والرسائل الجامعية، ومئات الدراسات والمقالات. وكل هذه الكتابات تؤكد على أقوال أصبحت من الثوابت التاريخية والحقائق الراسخة في أذهان الجميع. ومنها أن يعقوب صنوع كان مدرسا للغات في مدرسة المهندسخانة، وكان قادة الثورة العرابية من تلاميذه في هذه المدرسة، بما فيهم أحمد عرابي نفسه. كما أن يعقوب صنوع هو رائد المسرح العربي في مصر، وأنه كون فرقتين مسرحيتين، وكتب اثنتين وثلاثين مسرحية، وأقام أكثر من مائتي عرض مسرحي حي أمام الجمهور بمسرحه بالأزبكية، واستمر هذا النشاط المسرحي منذ عام 1870 إلى عام 1872، حتى أغلق الخديو إسماعيل هذا المسرح.

بعد ذلك كون يعقوب صنوع جمعيتين أدبيتين، الأولى «محفل التقدم» والأخرى «جمعية محبي العلم»، وكان من مريديه الأفغاني ومحمد عبده، ولكن الخديو أغلق هاتين الجمعيتين أيضا. بعد ذلك أصدر صنوع صحيفته «أبو نظارة زرقا» عام 1878، وأصدر منها أعدادا قليلة في مصر، فأمر الخديو بمصادرتها، ونفى يعقوب صنوع إلى فرنسا!

وهذه المعلومات - رغم عدم صحتها ... وعدم وجود أي دليل عليها - توارثتها الأجيال، في العالم العربي منذ بداية نشرها على يد الفيكونت فيليب دي طرازي عام 1913 في كتابه «تاريخ الصحافة العربية» وهذه المعلومات ... ضخمها د. إبراهيم عبده في كتابه «أبو نظارة إمام الصحافة الفكاهية المصورة وزعيم المسرح في مصر» عام 1953، ثم فسرها وشرحها د. أنور لوقا في دراسته «مسرح يعقوب صنوع» في مجلة «المجلة» مارس 1961. وأخيرا رسخها وأصلها د. محمد يوسف نجم في عقول القراء من خلال كتاباته عن صنوع! وهذه الكتابات في مجملها تعتبر الأساس الذي أدخل يعقوب صنوع في تاريخ الثقافة العربية بصفة عامة. وفي تاريخ الثقافة المصرية بصفة خاصة!

وبالرغم من ذلك أخرجت كتابي «محاكمة مسرح يعقوب صنوع» - الذي صدر عام 2001 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب - وفندت فيه هذه الأكاذيب الراسخة، وذلك من منطلق سؤال بسيط يقول: هل يستطيع أي إنسان أن يكتب عن تاريخ صنوع في مصر، دون الاعتماد على أقوال صنوع في مذكراته وصحفه؟ وأيضا دون الاعتماد على كتابات أصدقائه؟ وسيتعجب القارئ عندما أقول له: إنني حتى الآن لم أجد هذا الإنسان!

ففي كتاب المحاكمة رجعت إلى عصر صنوع في دورياته ووثائقه ومذكرات معاصريه وأقوال مؤرخيه ... فلم أجد سطرا واحدا يشير إلى أنه عمل مدرسا بالمهندسخانة، أو أنه رائد للمسرح، أو أن له فرقة مسرحية، أو أن له عرضا مسرحيا واحدا تم أمام الجمهور، ولم أجد أية إشارة لعلاقة بينه وبين الشيخين الأفغاني ومحمد عبده أثناء وجود صنوع في مصر، ولم أجد دليلا واحدا على جمعيتي صنوع، ولم أجد خبرا واحدا عن مصادرة صحيفته، وأخيرا لم أجد معلومة واحدة تفيد أن نفي من مصر إلى فرنسا!

وسيتعجب القارئ أكثر عندما أقول له إنني وجدت مقالات وإشارات وأدلة ووثائق، أثبت من خلالها أن يعقوب صنوع كان تلميذا بالمهندسخانة، وأن سليم خليل النقاش هو رائد المسرح العربي في مصر، وأن الشيخين الأفغاني ومحمد عبده انهالا على صنوع بأقذع الألفاظ والشتائم لمجرد أنه ذكر أنهما على علاقة به في مصر، وأن جمعيتيه الأدبيتين من أوهامه، وأن مصادرة الجريدة من أكاذيبه، وأنه سافر إلى فرنسا بمحض إرادته ولم ينف إليها. هذه هي قضيتي مع صنوع، ومع كل من كتب عن صنوع، وساهم بقصد أو بغير قصد في ترسيخ هذه الأوهام والأكاذيب في عقول الباحثين.

Bog aan la aqoon