وعندما شاهدها عرفها، بل إنه يعلم بها منذ أن كان وأن كانت، فناداها بالحبيبة مريم، ونادته بسيدي ابن الإنسان، تعانقا عميقا وطويلا وجميلا، نعم أحبها كما يحب رجل امرأة، فكلاهما بشر، هو رجل وهي امرأة، كلاهما ابن وبنت الإنسان، ويعرف المريدون والمؤمنون به والكافرون به على السواء. إنهما قد عشقا بعضهما البعض منذ زمن ليس بالقريب، سوف لا يدرونه، ولا يسألون عنه أو يسألون.
قال عنها: هي المنتظرة.
وقال عنها: هي المنتظرة.
وقال عنها: هي الحبيبة.
وقال عنها: ابحثوا عن مرايمكم هن في انتظاركم كما أنتم في انتظارهن.
وقال لنا: لا تستقيم ولا تعوج الدنيا بغيرها.
قامت مريم بمهامها تجاه الرجل منذ الدقيقة الأولى للقائهما، وترك لها كل ما يخصها من شأنه، وتولى هو كل ما يخصها من شأنها. في ذلك الحين كان الذين من حوله رجلين فقط وهي ثالثتهما، على الرغم من ذلك كان الرجل قلقا جدا على المؤمنين به الذين سوف يتكاثرون مثل الجراد حوله، يعلم أن المكان مثل قلبه سيتسع لهم جيمعا، ولكنه كان يقول لهم: ويلي من محبتكم لي، ويا ويلكم من محبتي لكم.
وعرفوا فيما بعد، أن الحب والكراهية يجريان بذات الشريان، ويسقيان ذات الحقل، وعرفوا أن من يحب كمن يكره: يختلط عليه الأمران، ولا يعرف أيهما خيره وأيهما شره، وقد يقبل إصبع الشيطان ظانا أنها شفة محبوبه.
الموكب
لم يقل عيسى إنه نبي أو رسول، أو أن أحدا بعثه بمهمة ما، أو أنه قام بابتعاث نفسه كما فعل الكثيرون، كل ما قاله عن نفسه أنه المسيح عيسى ابن مريم، وكان يطلب منا أن نناديه بابن الإنسان، ولكن المشكلة الكبيرة في المؤمنين به، هم الذين يصرون على أن الرجل لا بد أن يكون قد أرسل من قبل قوة عظمى، كقوة الله مثلا، أو أنه مدعوم بالله، أو مرسل من قبله، أو أن روح الله قد حلت فيه في شطحة صوفية مريبة كتلك التي أودت بحياة الحلاج والسهروردي المقتول، الفكي السحيني وغيرهم. كل يعتقد فيه حسب درجة إيمانه به وثقافته ودهشته للكرامات المتتالية التي يستعرضها سيده، ولو أنه قال لنا: الكرامات لا تخلق نبيا ولا تدل عليه، إنها في أفضل حالاتها تشير إلى بشرية الإنسان.
Bog aan la aqoon